الخلاصة:
أدت جزيرة كريت اليونانية دورا تاريخيا مهمًا في تاريخ الدولة العثمانية، منذ أن وقعت تحت سيطرتها في الفترة (1669- 1898م/ 1080- 1306هـ)، والتي تخللتها فترة عشر سنوات (1830- 1840م/1246- 1256هـ) كانت الجزيرة خلالها تحت الحكم المصري المباشر.
كما أدرك محمد علي باشا أهمية موقع الجزيرة الإستراتيجي، واستثمرها لتحقيق أهدافه العسكرية والسياسية للإستقلال بحكم مصر. فقام محمد علي باشا بوضع برنامجًا إصلاحيًا شاملاً ومنظمًا لجزيرة كريت، من خلال محاور محددة: الصحة العامة، والبنية التحتية المدنية والعسكرية، وتجديد وترميم الحصون والقلاع والموانئ الحربية بمدن الجزيرة الأربعة.
كانت المنشآت المائية من أهم محاور البرنامج الإصلاحي المصري بمدن الجزيرة، فتبنت الإدارة المصرية مشروعًا معماريًا مائيًا كبيرًا، معتمدًا علي القنوات والجسور المائية التي نفذت في عصور سابقة، وذلك بعد تجديدها وإضافة بعض الأعمال المعمارية لتوصيل المياه للمدينة، فقام بإعادة تأهيل قناة فوندانا ( (Fundana، وبناء الجسر المصري بمنطقة آجيا إيريني Agia Irini) )، والذي يعد أهم الأعمال المعمارية الباقية المنسوبة لمحمد علي باشا بالجزيرة والتي لم تتعرض لتغيير خصائصها المعمارية حتي الآن.
وهدف هذا البحث دراسة إضافات محمد علي باشا الإصلاحية للمجتمع وأعماله المعمارية المائية الباقية بمدينة هيراقليو، وتحديد الخصائص المعمارية للجسر الذي شيده مصطفي نائل باشا بأوامر من محمد علي باشا سنة1839م/ 1255هـ)، إستكمالا لمشروع إعادة تأهيل قناة فوندانا (Fundana). وتتبع العناصر المعمارية المائية تاريخيا ومعماريا في العصور السابقة لفترة الحكم المصري للجزيرة (1830- 1840م/1246- 1256هـ). وحصر التأثيرات المختلفة علي هذه المنشآت في ضوء مقارنتها بنظائرها من القناطر والجسور المائية التي إستخدمها العثمانيين علي بقية الأراضي اليونانية، والتعرف علي أنواعها، وذلك بالإعتماد علي الدراسة الميدانية لهذه الأعمال الباقية والمستخدمة إلي الآن.
وقد توصلت الدراسة إلي أن البرنامج الإصلاحي الذي نفذه محمد علي باشا في جزيرة كريت كان هو نفسه الذي تم تطبيقه سلفًا في مصر على كل المستويات الإجتماعية، والسياسية والعسكرية، وهو البرنامج الذي تم إيقافه مع مغادرة الإدارة المصرية من الجزيرة.
