الخلاصة:
يعد مخطوط ليلي والمجنون من اهم واقيم المخطوطات الفارسية المحفوظة بالقسم الشرقي من مكتبة لينشا الوطنية بروما لانه يعد من اقدم النسخ التي تحتوي علي اشهر اعمال الشاعر نظامي الكنجوي الفارسي، ويرجع سبب اهمية هذا المخطوط نظرا للقيمة الفنية البارزة للمنمنمات التي يتضمنها المخطوط والتي لم يبسق نشرها بالغة العربية ، فهو يعد من المخطوطات المزوقة بالتصاويرالتي نفذت في غاية الحسن كوسائل ايضاحية مكملة لبيان المتن وتوضيح النص والتي اطلق عليها لفظ المنمنمات "miniatures" وهو لفظ اصلي ايطالي يعني " الصورة المصغرة والدقيقة الملونة او المذهبة احيانا في المخطوطات "، ومنها جاءت كلمة “miniature” " ميناتور" وهي تخفيف للمصطلح الفرنسي "ميني موم ناتيورال" بمعني "الطبيعة الصغيرة والدقيقة " وقد عرفت قديما باسم التزاويق وقد طور الفنان المسلم هذا الفن حتي اطلق عليه مصطلح مينتور في النصف الاول من القرن العشرين الميلادي ، واستخدم في ايران لتعريف نوع الرسم ذو التاريخ الطويل والذي ولد في ايران تحت مسمي التزاويق ، فالمنمنمة ليست رسما يتجاوز متن الكتاب المصور بلا هدف بل هي تتيح امكانية للتوسط بين النص والقاري ( اذا تأخذ التصاوير وظائف التعليم والحكي في الوقت ذاته) ، ونظرا لانتقال كثير من المخطوطات الفارسية التي تحتوي داخلها علي عدد رائع من المنمنمات الي مكتبات العالم العامة والخاصة ، ومتاحف العالم بشتي الطرق ، سواء عن طريق الشراء اوالتجارة او السرقة او الاهداء مما ادي انتشرت في كافة انحاء العالم ومنها مخطوط الدراسة المحفوظ بمكتبة اكاديمية لينشي الوطنية بروما.
تنسب ملكية مخطوط ليلي والمجنون الي الامير " ليوني كاتياني " المستشرق الايطالي الذي زار العديد من البلاد والذي اهداه هذا المخطوط ضمن مكتبته التي اهداها الي مكتبة اكاديمية لينشيا الوطنية للحفاظ علي محتويات مكتبته خشية من الفقد او الهلاك ، والمخطوطات الفارسية بمكتبة اكاديمية لينشيا موزعة علي مجموعتين ارشيفيتين هما ارشيف " كاتياني " “caetani” " وارشيف " كورسيني" “corsini“ " وهاتين المجموعتين لم يحظيا بالاهتمام الذان يستحقانه لدراستهما.
وقصة ليلي والمجنون نظمها الشاعر الفارسي نظامي الكنجوي واتم ﻋدد أﺑﻳﺎﺗﻬﺎ التي قاربت علي 4000 ﺑﻳت او 4500 بيت، في أﻗﻝ ﻣن أرﺑﻌﺔ أﺷﻬر، وكان يقول انه كان بامكانه ان ينهي منظومته في اربعة عشر ليلة لو لم تشغله مشاغل كثيرة ، فقد اعتمد نظامي في كتابته لمنظومته علي بعض الاحداث العربية التي تخص القصة مع بعض الاختلافات في احداثها وابطالها ، فموضوع منظومته ليلي والمجنون هي تسرد الحب العذري الذي دار بين قيس بن الملوح ( مجنون بني عامر ) ومعشوقته ليلي العامرية والتي تعد من اشهر قصص الحب في الادب العربي ، فقد قدم لقصته مقدمة بدائها باشعار كثيرة يناجي فيها الله عز وجل ، وبعض منها مدح للرسول صلي الله عليه وسلم ، وذكر احداث اسرائه ومعراجه ، ثم يتطرق الي لاحداث القصة بان هناك ملك من ملوك العرب ذو مال وجاه محروم من ان يكون لديه ذرية ، وكان يدعو الله كثيرا ليهبه ابن يقر به عينه ، فاستجاب الله لدعائه ورزقه ابنا كالبدر في الجمال سماه " قيسا " نسبة لمقياس الفضيلة ، ولما بلغ عامه العاشر ارسله والده الي المكتب " الكتاب" لطلب وتحصيل العلم ، وكان من ضمن الذين يذهبون لتلقي العلم فتيات وفتيان في عمر قيسا ومن بينهم فتاة كالدرة النقية نظراتها وجمالها يأسر القلوب ، فاحبها قيس واسلم قلبه لهواها ، وبادلته الفتاة حبا بحب ، وانصرفا من رفقتهما الي العلم الي رفقتهما الي الحب ، وذاع حبهما في ارجاء الكتاب واخذ الجميع يتحدثون عن هذا الحب ، حتي وقعا عرضة للقيل والقال ، فحجبت ليلي عن رؤيته ، وازرف قيس علي فراقها الدمع وهام في " الفيافي " الصحراء واصبح كل ليلة يذهب الي باب دارها يقبل الباب ثم يعود ببط كانما يسير علي الاشواك حتي هداه الله عز وجل الي ان يعرج للعشق الاكبر وهو العشق الالهي