الخلاصة:
يعد مجال الفن التشكيلى مجالآ للتعبير والإفصاح عن إتجاهات الفنان وفكره وفلسفته فى رؤية الواقع المحيط به،" فالفن باعتباره وسيله من وسائل التعبير يعطى الفرصة للمعبر لكى يعكس كثيرا من الأفكار الكامنه لدية والتى تقلقه بين حين وآخر ولايجد مغزى الا بالإفصاح عنها ، فإذا فعل ذلك خفف الافصاح عن هذا الضغط الخفى ، وأكسب الفرد إتزاناً مع البيئة أكثر مما كان عليه " (12- ص227)
فإن التراث أحد المصادر الفنية الهامة التي تؤثر وتسهم في تشكيل رؤية الفنان الجمالية، وفي تكوين شخصيته الفنية. كما جاء بأحد المراجع "أن الفن والتراث متداخلان، فلا يمكن فصلها لأنهما يساندان بعضهما البعض، منذ أن خلق الإنسان علي هذا الكوكب. وإذا كان من الممكن تعريف الفن علي أنه إبداع إنساني فإن الإبداع والوعي بالتاريخ والتراث خاصيتان تميز الإنسان من بين الكائنات الأخري". (11-137)
ومع نهايه القرن الماضى وبدايه القرن الحالى ومع تطور مفهوم الفن تطورت المفاهيم نحو أشغال الخشب ، حيث تعتبر الأشغال الفنيه رؤى فنيه وأبتكارات لتعبيرات جماليه قائمة فى أساسها على الخامات الطبيعيه والمصنعه فى البيئة المحيطة بالفنان ، فيقوم باعادة تشكيلها أو التوليف بينها بناء على ما لدية من مهارات ومعلومات عن هذه الخامه وطرق التعامل معها وأستحداث طرق جديده لتطويعها .
" فلم تعد المشغولات الخشبية اسما لأسلوب صناعى وتقنى فقط ، أو عنواناً لاشياء تصنع من الخشب ، أو رمزاً للمنشار والفارة والشاكوش بقدر ما أصبحت اليوم فناً تشكيلياً مثله مثل الفنون الأخرى ، بما تحمله من مقومات وأسس وعناصر الفن". (13-ص4)
فلا يقتصر تصميم المشغولة الخشبية على الجانب الجمالى فقط بل تعداه فى محاوله لربط التصميم بالوظيفة وذلك لإشباع الإنسان جمالياً ونفعياً فى ذات الوقت ، فالمشغولة الخشبية هى كيان مستقل بمكوناته متكامل بمفرداته ويصعب الفصل بينهما وذلك لما تحمله من خواص وما فيها من قيم جمالية وقيم نفعية.
" وفى بعض الأحيان أستخد مت أخشاب ذات قيمة بسيطة ولكن باستخدام الحيل الصناعية والتوليف بالخامات الأخرى والمعالجات المتغيره أعطاها ذلك صفه جمالية واقتصادية مرتفعة".(7- ص3)
ويعود اهتمام الفنان المصرى بالأخشاب وطرق تشكيلها إلى العهود القديمه، حيث أهتم المصرى القديم بنجاره الأثاث وزخرفته ومن بعده انتقل هذا الاهتمام إلى الأقباط " فورث الأقباط عن أجدادهم هذه المهاره فى صناعه التحف الخشبيه، وبالمتحف القبطى أمثله رائعة تدل على حذقهم وتنطق بمقدرتهم فى هذا المجال". (14- ص880)
وقد أرتقى الفنان المسلم بالمشغولة الخشبية وأحدث فيها تطوراً ملحوظاً، فقام باستبدال الرموز القبطية بأخرى زخرفية خاصة به بداية من الزخارف النباتية وأنتهاء بالزخارف الهندسية ، والحضارات الفنية هى بمثابة سلسلة طويلة من التقدم الفنى ترتبط فيه كل حلقة بما قبلها وتؤثر فيما بعدها ، ويعتبر الفن الاسلامى من أحد الحلقات الهامة فى تلك السلسلة. وعلى الرغم من تأثر الفن الاسلامى بالفن القبطى لكنه استطاع أن يكون شخصيته المتميزه ، " فالفنانين فى العصر الاسلامى إستطاعوا خلال مايقرب من مائة عام فقط إسيتعاب معطيات الحضارات السابقة والمجاورة وأن يحولوا ماقاموا باقتباسه إلى خصائصهم الذاتية ليصبح إسلامى الطبع".(4-ص28)
ويؤكد ذلك أحد المهتمين بالفن الإسلامي في قوله "لقد استفاد الفنان في العصر الإسلامي من كل ما وقع عليه نظرة من عناصر آدمية، وحيوانية، ونباتية، وعناصر هندسية، وعناصر كتابية، فأكسبت تصميماته خصائص إبداعية، وحققت أهدافه التصميمية وعمل علي تحوير العناصر الطبيعية في بعض الأحيان سواء تبسيطها وتجريدها أو بالإضافة إليها". (6- ص32)
وعن أهمية الزخارف الإسلامية وتنوعها ذكر في أحد المراجع "احتلت الفنون الزخرفية والتطبيقية مساحات واسعة في الفن الإسلامي، بل وأبتكر الفنان المسلم العديد من الأساليب الزخرفية المميزة لهذا الفن حتى صارت الزخارف الإسلامية متفردة ومتميزة بأشكالها ونظامها وحيويتها وبإتزانها وإيقاعها الخاص، وثراءها اللوني وبذاتيتها وجمالها".(17- ص33)
ومن بين التطبيقات الفنية للفن الإسلامي تلك المشغولات الخشبية التي زخرت بها المتاحف الفنية وخاصة التي تخدم العمارة الداخلية والتأثيث الداخلي في بيوت القاهرة القديمة حيث أن المشغولات الخشبية علي اختلاف أنواعها وأشكالها ووظائفها تحوى بداخلها قيماً فنية وتشكيلية والمتمثلة في العناصر الزخرفية التي تجمع بين الوحدات الهندسية والعضوية.
وبما أن تلك العناصر الزخرفية الإسلامية كان لها دوراً إيجابياً لإثراء وتجميل العديد من المشغولات الفنية في شتى المجالات، حيث استخدم بعضها كإطارات ( برواز) تحيط مساحات ووحدات زخرفية "جامات"، أو في تزيين أو تحديد مفردات للكتابة العربية، سواء جاءت على واجهات البيوت أو داخل العديد من المساجد، وأيضاً في زخرفة القباب والمئاذن، فضلاً علي وجود هذه العناصر علي كثير من المشغولات الفنية التطبيقية كالمعادن والأخشاب والحلي والمنسوجات وفي زخرفة المخطوطات وغيرها..
و ما يفيد مدى أهمية العنصر الزخرفي الاسلامي ودوره لخدمة التصميمات الزخرفية بصفة عامة "أن الوحدات المحددة داخل العنصر الزخرفي تضفي هذه التصميمات علي ما بها من أشكال حالة من الثبات لا يعطي لهذه العناصر الحركة الحرة أو الانطلاق في اتجاهات مختلفة، فالعناصر الزخرفية تعطي دائماً معني الاتجاهات الأفقية أو الرأسية أو المائلة في التصميم، ويعطي أيضاً الإحساس بالاستطالة والاتجاه في ناحية العرض في الشمال واليمين واختلاط العناصر بأشكال الجدائل والنباتات نوعاً من الحلول التشكيلية".(24-ص153)