الخلاصة:
منذ أن بدأ الإنسان يمشى على الأرض ظلت تدفعه ثلاثة احتياجات : أن يكتشف ، أن يختبر ، وأهمها جميعاً أن يفهم . وهذه الدوافع نفسها هي التي جعلت البحارة المغامرين يجوبون فيها وراء أطراف العالم المعروف ليكتشفوا ما هنالك . وكذا « جاليليو » الذي عرض نفسه للسجن لأنه تجرأ ورفع عينين متسائلتين نحو النجوم والكواكب « وفسيليوس » الذي عمل سراً لكي يزيح الغطاء عن عجائب التشريح الإنساني لقد شقوا جميعاً طريقهم قدماً رغم الخطورة التي جابهتهم لأنهم كانوا يستهدفون المعرفة .
وقد دفع حب الاستطلاع الإنسان إلى بذل آلاف المحاولات . فالنجوم السيارة تدور في السماء تكشف عن أسرار المجرة ـ ويهيم الباحثون في مجاهل غينيا الجديدة والمناطق النائية في القطب الجنوبي المتجمد . والجسيمات الذرية تبتعد وتتصادم في أجهزة تحطيم الذرة عند محاولة الإنسان أن يكشف القناع عن جوهر المادة نفسها .
وتستمر الحرب ضد الجهل على طول جبهات متعددة . ويعتبر علم الآثار ــ أى دراسة بقايا الماضي – من أهم المظاهر المثيرة لتلك الحملات اللانهائية لمعرفة المزيد عن العالم ومكانة الإنسان منه . ولقد سبق أن تكلمت في كتاب سابق ( المدن المفقودة والحضارات التي انمحت ـ تشيلتون ١٩٦٢ ) عن بعض الانتصارات المبكرة لعلم الآثار مثل استعادة بعض المدن من قبضة الزمن كبومبي ، وبابل ، وتشيشين إنزا ، وكنوسوز ، وطروادة ، والنجـكور . وقد أصبح علم الآثار منذ نشأتة عندما طمس البركان مدينة