الخلاصة:
إن إثارة الروابط الروحية المتعلقة بقدسية المكان، تجعل التراث المعمارى يتحول إلى أيقونة متعددة الدلالات والمعانى
،ويصبح مصدر للإلهام ،ومبعثا حيويا للإبداع يربط تراث الماضى بالحاضر ويرى فيه المصورعناصره بعين قلبه ويغوص
فى عالما روحيا ،فتتلقى ذاته لحظات من الدهشة والإشراق، ثم تتحول تلك الدهشة إلى فعل إبداعى يجسد الفضاء المكانى
فيبوح بما يخفيه المبنى من تراكمات زمانية وفنية، فيظهر العمق الدلالى للمشهد المصور والذى يتجاوز حاسة البصر إلى
بصيرة القلب. ويؤكد التناسق الحاصل بين أجزاء الصرح المعمارى تلك الحركة الإنسيابية للبشر التى تسرى فى أرجاء
المكان وأركانه وما يحيط به من فضاء،فتذداد قوة تأثير المشهد على المتلقى وتندفع الذات نحو ما هو خفى من أسراره
،ويتحقق الإتصال الروحى بين البناء والإنسان.
إن التحولات التاريخية التى رافقت وجود المبنى وهندسة معماريته مع مرور العصور قد جعلته يتحول من هيكل إنشائى له
غرض وظيفى إلى فضاء حضارى مملوء بالأسرار ،ومرآه عاكسة يقرأ المارة على واجهته أحداث تاريخية كثيرة ،وسير
شخصيات مجهولة لها علاقة به قد غيبها الزمن ،فعدما تتحول مدينة إلى أيقونة بصرية بمفرداتها التصويرية الواضحة
تصبح مشبعة بكثير من الرموز التى من الممكن تصويرها وقراءتها وإدراكها كما ندرك العلامات والمعانى ،وتحتشد فيها
الكثير من الدلالات. وتتنوع تلك المعرفة البصرية بتنوع الصور التى ترسلها فتتلقاها أرواح وأذهان مختلفة لتعيد تنظيم
أبعادها الشكلية والوظيفية والرمزية لينتج إيطار جديد من الثقافة البصرية يقوم على تأصيل روابط التواصل الإنسانى مع
المدينة .
مشكلة البحث:
تجسد الدراسة التجربة العملية التصويرية لحالة إندماج الباحثة مع المجتمع الروسى و محاولات الإقتراب والتدقيق فى
العادات والتقاليد واللإرث الثقاقى والحضارى لسكان مدينة سانت بطرسبيرج الذين تميزو بعشقهم للتاريخ ومحافظتهم على
الماضى ، فتتبع تلك الدلالات الثقافية كان بالنسبة لى فضاءات مشبعة بالمعانى الظاهرة والباطنة ، وأجواء تعثر العين فى
جدران وواجهاتها على خيالات المبدعين وإستلهاماتهم ، فكانت كل هذة المشاهد تربة خصبة لى لمحاولة التعبير عن حالات
التوافق والإتصال بين البشر والتراث المعمارى فى فن التصوير .