xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
الحمد لله رب العالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
وبعــــــد:
فإن التكليف شئ عظيم، وإن النفس الإنسانية هي المحل للتكليف، والعقل هو مناطه والمسئول عنه. قال تعالى: ﱡﭐ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪ ﲫﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲﲳ ﱠ( )
ولذلك اتفق علماء الكلام على أن الإنسان هو الكائن المكلف في طبيعته وتكوينه ، وعلى الرغم من ذلك ، إلا أنهم اختلفوا في رؤيتهم المنهجية له وتفسيرهم للآيات القرآنية الكريمة، التي تناولت مسئولية الإنسان عن أفعاله.
وقد نشأ خلاف كبير بين الفرق الإسلامية في مسألة: التحسين والتقبيح العقليين، وكان من فروع الاختلاف في تلك المسألة هو: الخلاف في تكليف الله تعالى للإنسان بما لا يطاق، وهل هو جائز أم لا؟ وإذا كان جائزا: فهل وقع أم لا؟ ..إلخ من فروع تلك المسألة.
وفي الواقع: فإن قضية ( الإنسان بين التكليف بما يطاق وما لا يطاق من الأفعال) من القضايا المهمة التي دار حولها الجدال منذ فجر تاريخ الفكر الإسلامي، وكانت سبباً في معظم الخلافات الكلامية، والانقسامات المذهبية التي دارت بين المتكلمين والأصوليين في مسائل التكليف.
ومن أبرز تلك الفرق التي دار حولها الخلاف في تلك المسألة: فرقة الأشــاعرة( )، وفرقة المعتزلة( ).
فقد كان الأساس في منهج الأشاعرة، والنظرة الأولى لها هي (أفعال الله تعالى)؛ حيث حرصت على إثبات قدرة الله سبحانه وإرادته وقيوميته على جميع خلقه، والتي من بينها: أفعال الإنسان.
وعلى الجانب الفكري الآخر: كانت فرقة المعتزلة، التي نظرت للإنسان على أنه الفاعل المختار، الذي يخلق أفعال نفسه؛ ومن ثم فإنه مسئول كامل المسئولية عن أفعاله، باعتباره صاحب القصد والإرادة والقدرة!!
وهكذا دار الجدال بين الفرقتين، وكان مما تفرع على هذا الخلاف: هل يمكن أن يكلَّف الإنسان بما لا يطاق؟
وبدأت كل فرقة تتخذ موقفا وتحاول تدعيم موقفها بالأدلة العقلية والنقلية.
وسأحاول - جاهدة - أن أقف على تلك الاستدلالات بما يتناسب مع طبيعة البحث من الاختصار غير المخل.