xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
أن الطبيعة تعد من أهم المصادر التي يستقي منها الفنان أفكاره وموضوعاته قديماً وحديثاً ، وعناصر ومفردات تنتظم في صيغ يمكن تتبعها ، وتتكرر وفقاً لنظم بنائية هندسية مرئية للعين أو خفية ، فيتضح في الطبيعة صيغة النموذج الذي لا يحتذى (الباترين Pattern) ، وفي الهندسة صيغ (الموديل –Module) وهو نظام تكراري متبادل بنسب غير ثابتة ، و (الفراكتال – Fractle) وهو صيغة تمثل نظام تكراري هندسي كسري ثابت ، حيث استقى منها الفنانون نظمهم البنائية وما قدموه من مدارس واتجاهات ونظريات أثرت في مجال الفن التشكيلي ، والتي اختلفت عن رؤية الفنان المعاصر وكيفية تناوله للطبيعة واقتباسه منها بشكل يختلف كثيراً عما مضى ، فقد تغير مفهوم دراسة تلك الكائنات الحية الموجودة في الطبيعة تبعاً للتغيرات العلمية الحديثة واكتشاف العديد من النظريات والاتجاهات ، وأيضاً ظهور التكنولوجيا التي أثرت في جميع المجالات ، وكان لها دور كبير ومؤثر خاصةً في مجالات الفنون التشكيلية .
ومن هنا جاءت البحوث الفنية المعاصره التي تبحث عن تلك النظريات والقوانين الخاصة بعمليات النمو في الطبيعة سواءً كان في علم النبات والحيوانات والطيور وغيرها وما تتضمنه من نظم تركيبية وشكلية في بناءاتها الداخلية والخارجية ، وما تحتويه من مكونات لانهائية لتصبح مصدراً هاماً يستلهم منه الفنان في إبداعه الفني فينتج عنه العديد من العلاقات التشكيلية التي تثري مجال التصميمات الزخرفية، وصيغ ونظريات ونظم تصاغ خلالها تلك المفردات وهذه النظريات مرتبطة بوجودها في الطبيعة وما تشكله من عمليات نمو وتوالد في الكائنات الحية أو نظريات علمية مرتبطة بنظم تكرارية مسطحة أو مجسمة.
والكون عبارة عن " مجموعة من القوى تتفاعل وتنمو وتطرد ، وتتآلف وتصارع خلال حركية متواصلة ، والأشكال والألوان التي تتخذها الكائنات والمواد الطبيعية ، ما هي إلا تعبير عن القوى الكامنة فيها ، والطاقة المتضمنة إياها ، والحركة الدافعة لها وصولاً إلى مفهوم الهندسة الداخلية للطبيعة " (1-ص193).
إن لكل نظام نام في الطبيعة منطلق ينمو من خلاله مكوناً مجموعة من العلاقات التشكيلية التي يمكن أن يكشف عنها الفنان المدرب" (2-ص50).
فتتبع تلك الأشكال والعناصر سواءً كان بالعين المجردة أو تحت المجهر تظهر العديد من القيم الجمالية مثل التنوع والوحدة والاتزان والايقاع والتناسب ، فينتج عنها عمليات تصميمية مثل التكرار والتطابق ، والتصغير والتكبير والشفافية والتراكب.
فظهرت العديد من النظريات العلمية المعاصره التي أثرت في المجالات العلمية والفكرية والفنية المختلفة، ومن هنا جاءت الأبحاث التي تسعى لربط الفن بالإنجازات العلمية والتكنولوجيا وتطبيقاتها في ميدان الإبداع الفني ، واستفاد الكثير من الفنانين من هذه النظريات العلمية في مجال الفن وخاصة التصميمات الزخرفية في إنتاج أعمال فنية مبنية على المفاهيم المختلفة لكل نظرية وذلك من خلال المفردات الفنية والبنية التصميمية.
وإمكانية توظيفها في مجال التصميمات الزخرفية الثلاثية الأبعاد ، وذلك بتناول أحد عمليات التصميم الهامة وهو التراكب وتتبع كيفية تحقيقه من خلال أحد هذه النظريات العلمية المعاصرة وهي نظرية الأوتار وهي عباره عن مجموعة من الأفكار المعاصره حول بنية الكون تستند الي معادلات رياضية ، تنص هذه الأفكار على أن المادة مكونة من أوتار حلقية مفتوحة أو مغلقة متناهية في الصغر ، وأن الوحدات البنائية الأساسية المكونة للعناصر من الكترونيات وبروتونات ونيترونات وكواركات عبارة عن أوتار حلقية من الطاقة تجعلها في حالة من عدم الاستقرار الدائم ، وأن هذه الأوتار تتذبذب وتتحد وفقاً لطبيعة وخصائص الجسيمات الأكبر منها ، مثل الإلكترون والبروتون ، وأهم ما في هذه النظرية أنها تأخذ في الحسبان كل قوى الطبيعة (الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوى النووية) فتوحدها في قوة واحدة كلية تسمى النظرية الفائقة (M.theory)(19).
بالتحديد حيث أن هذه النظرية ترتبط بالنظام والحركة في الكون ، ومن هنا تستطيع هذه النظرية أن تعطي حلول ومداخل تصميمية جديدة لمعالجة التراكب ، مما يعطي نتائج متنوعة في مجال التصميمات الزخرفية الثلاثية الأبعاد ، وذلك من خلال أعمال تجريبية يدوية وباستخدام الكمبيوتر يتحقق فيها التصميم التراكبي من خلال البعد الثالث الحقيقي والإيهامي.