xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
تعتبر صناعة الخزف في عُمان من أهم الصناعات التقليدية وأقدمها على الإطلاق، إلى جانب صناعة السفن التقليدية والصناعات الجلدية وكشفت التنقيبات الأثرية عن ازدهار صناعة الخزف في عُمان خلال الألفية الرابعة قبل الميلاد، وكان استخدامه خلال تلك الفترة في الطقوس الدينية القديمة، لتقديم القرابين من الطعام والشراب، ووضعه في القبور. وقد عرف الإنسان القديم كيف يحول الطين إلى مادة صلبة عن طريق الشوي في النار بالأفران «القمائن» وعرف كيف يشكله ويصنعه وأنجز منه الفخار المسامي وغير المسامي في عدة ألوان وأشكال. ومما ساعده اختراع الفخار الدولاب بداية من البطيء ثم السريع الذي أحدث ثورة في كمية الإنتاج. وكان الفخار يجفف في الهواء والشمس ثم يتم إحراقه بطريقة تهوية والتحكم في الهواء ليعطي اللون الأحمر أو الأسود حسب أكاسيد المعادن الموجودة بمادة الطين، وكان يزينه ويصقله قبل الحرق أو بعده. وعرف أول مركز لصناعة الفخار في شرق آسيا وتحديدا في الصين واليابان وكوريا. ويعود تاريخ صناعة أول الفخاريات التي وجدت في عمان إلى عهد جمدت نصر «بداية الألف الثالث قبل الميلاد»، وقد صنع الفخار الذي يمكن الانتفاع منه منذ أن بدأ الإنسان يحتاج للأواني. أما الفخار الذي لا يزال يصنع في القرى حتى السبعينات فهو يستخدم في أغراض عملية إلى حد كبير، وهو يشمل أواني ذات مسام لحفظ المياه وأواني للطبخ وأكوابا. ويعتمد مستوى الإنتاج والطرق المتبعة على نوعية الطين المتوفر وعندما يكون الطين من النوعية السيئة تكون الطرق المستخدمة بدائية.
وبناء على هذا فإن فن الخزف من الفنون العريقة التي ساهمت دائما على مر العصور الفنية بالتطور والارتقاء بالمنتج الفني فقد قام الخزاف بتجارب عديدة ومتنوعة في خامة الطين عبر العصور المختلفة القديمة والحديثة مما أثرى المخرجات الفنية وجعلها من التاريخ والإرث العريق لثقافة الشعوب المختلفة ولهذا يعتبر فن الخزف إحدى السمات الفنية الحضارية فى العالم قديمة وحديثه.
ويشير د. محمود البسيوني " أن الإنتاج الفني على اختلاف أنواعه إذا خلا من ثقافة فنية أصيلة فإنه سينحدر إلى مستوى التقليد وسينعدم الابتكار ".
وفسر لنا روجرز أنه " ليس هناك شيء في الفن يسمى جمالا أيلا للزوال فالأعمال التي كانت جميلة ومعبرة منذ ألاف السنين لا تزال لديها القوة على تحريك مشاعرنا وإثارتنا حتى ونحن لا نعرف شيئا عن أصلها ".
والخزاف المعاصر ينظر إلى الشكل الخزفي نظرة جديدة تختلف عن خزف العصور السابقة ولهذا فمن المنطقي أن تأخذ طرق التشكيل والمعالجة وكذلك التوليف بعدا جديدا ومحاولة ربط تلك المفاهيم بالفكر الخزفي مما يكسبه صفة العالمية والمعاصرة فالفنان المعاصر لا حدود لرغباته وابتكاراته فهو يقوم بالتجريب والتعديل والحذف والإضافة والدمج في الأشكال ليعيد بنائها من جديد.
ففن الخزف فن ذو طلاقة وحركية وحرية التشكيل والتعبير
ومن ذلك نجد أن الفنان يريد الخروج عن الشكل التقليدي للإناء إلى أشكال أكثر جرأة وأكثر تعبيرا لها خصائصها الفنية والجمالية بعيدا عن القيود.
وإجمالا نرى أنه ليس هناك تناقد بين القديم والمعاصر من الناحية الجمالية ولا إعطاء قيمة متزايدة للمعاصر عن القديم حيث إنه ما تحقق في الماضي بالروعة والقوة تحقق في المعاصر بالإبداع والدمج والتوليف بين الخامات والثقافات وإضفاء الطابع الشخصي والمبتكر للفنان.
ومجمل القول إن العمل الجيد يحتفظ بجودته على مر العصور ويزداد قيمة بمرور الزمن وبتأثير المؤثرات البيئية الطبيعية عليه.
ونجد التوليف يستخدم من قديم الازل في العصور السحيقة والقديمة وهو دمج أو إضافة خامات مختلفة مع بعضها.
مثل التطعيم على الخشب والتكفيت على النحاس بالفضة والجمع بين خامات ذات طبائع ومظاهر شكلية متباينة ومختلفة جعلت الفنان يبتكر أساس التأليف بين عدة أجناس مختلفة ومتشابهة مما يثرى الرؤية المطروحة من خلال العمل الفني.