الخلاصة:
يناقش هذا البحث قضية المعنى في العمارة مستهدفًا من ذلك استكشاف كيفية انتقال المعاني والدلالات عبر المباني، وكيفية إدراكها وقراءتها وفهمها من قِبَل جمهور المستعملين. وتنبع أهمية هذه الدراسة من أن المباني تحيط بالإنسان طوال الوقت، وتحقق تواصلًا مستمرًّا مع عقله ووجدانه على المستويين الواعي واللاواعي، وبالتالي تؤثر على طريقة إدراكه لها وأسلوب تعامله معها ونظرته إليها، وهو ما ينعكس على كفاءة تلك المباني في أداء أدوارها ووظائفها وتحقيق أهدافها، إلى جانب مردودها على تفكير ومشاعر المستعملين على المدى القريب أو البعيد. ويعتمد البحث على أفكار ونظريات الفلاسفة والمفكرين فيما يتعلق بعلم السيمياء (وهو علم دلالات العلامات والرموز) وعلم الهرمنيوطيقا (وهو العلم الذي يُعنى بدراسة العوامل المؤثرة على الفهم والتأويل) وذلك لاستخلاص الأسس والقواعد والمبادئ العامة التي سيتم تطبيقها بعد ذلك بمنهج القياس الاستنباطي على مجال العمارة، من خلال الاستعانة بعدد من الأمثلة المختارة لمشروعات معمارية محلية ودولية، بغرض تحليل ومناقشة العناصر والعوامل والمؤثرات المتشابكة التي تكتنف عمليات تضمين وإيصال وإدراك المعاني عبر المباني. وقد خلُص البحث لعدد من النتائج الهامة، أبرزها النموذج الذي اقترحه الباحث للتعبير عن المعاني في العمارة، والذي تم صياغته في شكل مخطط تمثيلي يشمل الأساليب المتنوعة التي يمكن للمعماريين الاستعانة بها لإيصال المعاني المناسبة عبر التصميم المعماري وأنواع تلك المعاني وكيفية معالجتها. كما طرح الباحث نموذجًا تخطيطيًا آخر يوضّح آلية انتقال المعاني في العمارة، والعوامل التي تؤثر على صياغتها وفهمها من ناحية واستقبالها وتفسيرها من ناحية أخرى، وكذلك منهجية مقترحة لتحليل المعاني في المباني، يمكن تطبيقها في تحليل ونقد وتقييم وتطوير الجوانب الدلالية في الأعمال المعمارية، والاستفادة منها على مستوى التعليم المعماري أو الممارسة العملية.