الخلاصة:
إن التحديات التي تعيشها الأمة العربية والإسلامية في سعيها لتأكيد هويتها
الحضارية في ظل الالتباس والأفكار المتناقضة والإسقاطات المعادية له كل ذلك
يجعل من الفن انين والمؤرخي ن. البحث والتأكيد على هوية العمارة والفنون الإسلامية
كإرث حضاري ويجعلها موضوعا معاصراً ومستقبليا يتطلب جهداً بحثيا مستمراً
لتوثيقها وتأكيده وفلسفته وهذا المؤتمر يؤكد على القدس ومكانتها في الدين والتاريخ مما
يجعلنا نؤكد على فنون وعمارة القدس وفلسفة أعماله ا الفنية من خلال منظومة الفنون
الإسلامية التيتحكم خصائصه وأساليبه ومساره الإبداعي رؤى عقائدية شاملة، فإن
عبقرية الفن الإسلام ي تتجلى في ترجمة تلك الرؤيا إلى لغة فنية قائمة بذاتها، عبر
القرون تكشف عن وحدته وأصالته، فمهما كان الحيز الجغرافي والزماني له فإننا ندرك
التجربة الروحية ذاتها . في العمارة وا لفنون الاسلامية التي شكلتها وحددت مساراته ا
الإبداعية عدة روافد منها القيم العقائدية والتفاعلات الحضارية والمؤثرات البيئة
والاجتماعية، فالشكل في العمارة يفرزه المضمون.. وتجسده مواد البناء وطرق الإنشاء
وتحكمه القيم الفنية المتوارثة، وترتقي فنون البناء في العمارة الإسلامية من الحرفية إلى
مرتبة الأسلوب أو التقنية التي تعبر عن مجموعة من خبرات أجيال سابقة تعاملت مع
الظروف المحيطة بكل حساسية . والبحث عن القيم التراثية في العمارة والفنون الإسلامية
لا يقتصر على تحليل الرموز الشكلية والمفردات الزخرفية دون التعمق في استقراء
جوهر قيمها الفكرية ودلالاتها الثقافية، وظاهرة التنوع في المعالجات التصميمة البيئية .
ونحن في هذا البحث سوف نتعرض لفنون وعمارة القدس لما تتميز به ويؤكده طابعها
الإسلامي المقدس في الحرم الشريف خاص ة في مسجد قبة الصخرة. ولكن قبل الخوض
في فنون هذه المدينة يجب معرفة الملامح العامة لقيم وفلسفة الفنون والعمارة الإسلامية
بمضامينها الفكرية ومنجزاتها المادية كنتاج لتفاعل ثقافات انصهرت في بوتقة المبادئ
والقيم والمثل التي جاء بها الإسلام وسار النسق الحضاري في إطارين. الأول: حضارة
الخلق والإبداع وكان الإسلام كعقيدة هو مصدرها الوحيد. والنوع الثاني: حضارة قام بها
المسلمون في الأمور التجريبية امتداداً وتحسينا وتسمى حضارة البعث والإحياء. فالرؤية
الإسلامية لمنهج الحياة تتوازن في شقيها الروحي والمادي . ومن هنا جاء