الخلاصة:
في الماضي كانت هوية عمارة الشعوب واضحة وتعكس خصائص تلك الشعوب ومزاياه البيئية والاجتماعية .أما اليوم فإن الهوية قد تلاشت وذلك بفعل المفاهيم الغربية حيث غزت المباني العالية كافة مدننا فتكسرت أطواق الخصوصيات القطرية في العمارة مثلما تلاشت الخصوصية الذاتية في جوانب الحياة . فالمتأمل يلاحظ أن المباني الخرسانية وكتل المباني الشاهقة والشوارع الواسعة قد سيطرت على التفكير المعماري وليس على المستوى المحلي ، ولكن أيضا على المستوى العالمي فكانت النتيجة أن ذابت ملامح ومظاهر القيم العمرانية المحلية وسط هذا الطغيان حيث أصبح عطاء الغرب منهل تفكيرنا وقبلة توجهنا . ولكن هذه سنة الحياة وناموس التطور فالشعوب والأمم تأخذ من بعضها البعض ، ولكن المريب والمدهش حقا هو أننا كشعب متلقي لم نعد قادرين على تحليل المعطيات الوافدة والتبصير بها بدقة لماذا بهدف انتقاء النافع منها من اجل تحقيق الموازنة الصائبة بين المؤثرات الوافدة والموروثة مع الاستفادة من كل إفرازات التقنيات والتطورات المعاصرة ودمجها مع تاريخنا الحضاري وذلك لإيجاد هوية معمارية خاصة بنا .
فالمتأمل للعمارة المصرية المعاصرة يجد أن هناك تشكيلات معمارية انتشرت في كل المدن متأثرة بنمط العمارة الغربية وبمدارسه وأفكاره، وقد عبرت هذه الأنماط عن تقاليد وعادات مجتمعات غربية بعيدة عن قيمنا ومبادئنا المستمدة من الشريعة الإسلامية كما بينت هذه الأنماط أن العمارة المصرية هي مزيج من الأنماط المتنافرة منها ما هو متأثر بالعمارة التراثية ومنها ما هو منقول عن العمارة الغربية التي غزت وسيطرت على الساحة المعمارية ، واصبح التغريب مبدأ يرمز إلى التقدم والتطور ومن ثم أصبحت العمارة المصرية فاقدة لهويتها من خلال فقدانها لمقوماتها النابعة من القيم الإسلامية والمعبرة عن البيئة الطبيعية والاجتماعية وحتى المناخية لذلك ومن هنا كانت هذه الورقة البحثية