الخلاصة:
تعد عملية تأصيل النمط التصميمي للعناصر الزخرفية الإسلامية جزء لا يتجزأ من الدعوة إلى استمرارية الحفظ على التراث وتأكيدا لمكانته الحضارية الراقية. من خلال المراحل المختلفة التي عاصرت هذه الحضارات والعمارة الإسلامية ليست مقتصرة علي شكل او طراز بعينه. وأنما هي المضمون أو الطابع الذي تؤثر فيه القيم الأصيلة وبذلك يكون هدفنا إحياء التراث بفكر عصري متطور وإعادة التوازن النفسي للإنسان المعاصر ليحقق غايته وهدفه من الحياة بالقيم المعمارية التي تعينه على ذلك. وقد كان الفن الإسلامي بطبيعته فنا بيئيا حياتية بلعب الجمال فيه دورا بارزا أعتمد على الزخرفة بالدرجة الأولي ويتجلي الطابع الفني بشكل واضح في استخدام الفنانين شتى أنواع الزخارف في تجميل عماراتهم ومنتجاتهم الفنية مستلهمة من الطبيعة ومستفيدة من عناصرها, ومحاكاتها بأسلوب تجريبي لتحقيق التطور التصميمي
وقد بلغ الفن الإسلامي في الزخارف الهندسية مرتبة يكاد لا يدانيه فيها أي فن أخرا حيث طؤر الفنانون العناصر الطبيعية إلى صورة زخارف هندسية على أسس مدروسة وابتكروا أنواعا من هذه الزخارف لم تعرفها الفنون الأخري.
فالمصمم الاسلامي يبحث عن تكوينات جديدة مبتكرة ناتجة من توالد وتشابك قواطع الزوايا أو مزاوجة الأشكال الهندسية. فلا يقوم بمحاكاة الطبيعة بل يتناول عناصرها ويفككها إلى عناصر أولية بعيد تركيبها من جديد في صياغة عذبة. إذ هو يبحث عن روح الموجودات بدلا من ماديتها ويبحث عن حركتها المتمثلة بإيقاعها بدلا من ثباتها, أي لا يهتم بنقل الطبيعة بل خلق أشكال جديدة لا نظير لها في الواقع يلعب فيه التجريد لورا كبيرة، والتجريد في الفن الإسلامي لا نهائي وغير محدود بإنطلاقات وأبعاد الرؤية البصرية للموضوعات الطبيعية، كما أنه ليس تجریدة هلامية أو عبثية بل تحكمه قوانين الإيقاع الرياضية التي تعد الجوهر الأساسي للإيقاعات الموسيقية والتي تعد إنعكاسأ بسيط للإيقاعات الفلكية الكونية ومن هنا يكتسب التجريد الإسلامي سحره وجماله.