الخلاصة:
لقد كان التطور الذي أحدثه الإسلام في حياة الناس وأفكارهم جذريا، والمعجزة القرآنية الباهرة لم تضع البشرية أمام تصور جديد وطرائق موضوعية في التفكير فحسب، وإنما وضعتهم أيضا أمام وعي جمالی يجد تجلياته في الفكر واللغة والسلوك والفن والعمارة.
ولم يكن الاسلام دينا يلبي حاجات الانسان الروحية فحسب، وإنما جاء بناء كلياً متماسكاً، ونظام معرفياً متوازناً ومتكاملاً، وضع القواعد الاساسية لحياة الأفراد والمجتمعات، من هنا كانت الجماليات الإسلامية تبدأ بالنص القرآني والحديث النبوي وتمتد عبر الحياة الإسلامية في مختلف جوانبها الفكرية والاجتماعية والفنية لتنتهي بالسلوكيات الفردية، ومع احتكاك الدين بالفلسفة والعلوم وثقافات الشعوب ظهرت تنويعات في هذا الوعى الجمالي والذي بني على منطلقين أساسيين هما : التوحيد وهو غاية الفكر الإسلامي، والوحدة في نظام العالم ، وهي وحدة قائمة على التوازن والتجاذب والتناسب. ومن تلازم هذين المبدأين كانت وحدة الفكر ووحدة الجمال، وكان النص القرآني واحتمالات تأمله وتفسيره هو الملهم في هذا التنوع، وأبدع المتصوفة في الوصول إلى لغة خاصة في الخطاب لها جمالياتها، كما تحدث ابن القيم عن جمال الظاهر والباطن ورأى أن الجمال الباطن هو المحبوب لذاته وهو جمال العلم والعقل والجود والعفة، وهو محل نظر الله من عبده وموضع محبته، (3- 5 -32) "إإنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم " (رواه مسلم).