الخلاصة:
في البداية يجب علينا أن نعترف بأن الأشكال التراثية في الفن الإسلامي، وخاصة الخط العربي يحمل إمكانيات طاغية في التشكيل والصياغة، وإمكانيات في التأويل الدلالي لانهائية . فهو تراث يمكنه أن يقدم رؤية معاصرة في عالم الأبداع، ويكشف عن مواطن جمالية جديدة في التشكيل. لكن هذا الانبهار بالتراث خالطه طوال الوقت شعور عميق بالعجز. حيث أنه لم يستطيع تجسيد الحاضر ورسم أبعاده وأعماقه وقراءة مستجداته وتحولاته .
أننا هنا نعيش حيرة من الأزدواجية بين عالم التقاليد وعالم التجديد والمعاصرة ، ومما يزيد الأمر تعقيدا، أنتشار ثقافة العولمة التي أصبحت تحديا حقيقيا للعالم الإسلامي بكل كيانات موروثاته الثقافية، ومما لاشك فيه أن القدره على منع ذوبان هذه الهوية الأسلامية تكمن في تراثنا العظيم وثقافتنا المميزة التي طالما أثرت في فنون الغرب على مر العصور المختلفة، حتى أننا تستطيع القول أن صورة الإسلام الملموسة أمام العالم لا تتمثل في العقيدة الدينية التي يحملها فقط بقدر ما يتمثل في الصورة الجمالية الانطباعية التي يتركها الفن الإسلامي في نفوس غير المسلمين
(6 - ص 101،102
) . ومن خلال الفلسفة الجمالية للفن الأسلامي التي تبحث عن الجمال المطلق في جوهر الأشياء، والاتجاه إلى الأشكال التجريدية، وتفهم مابداخلها من قيم جمالية . أستطاع الخط العربي الذي بهر العالم الغربي وأثر فيه منذ ولادته أن يغزو ويسود العالم بالأيجاب بفضل مقوماته الشكلية والتشكيلية حيث جمع بين القيم الجمالية والروحية، ويؤكد ذلك قول الفنان ( بيكاسو) " إن أقصى نقطة أردت الوصول إليها في فن الرسم وجدت الخط العربي قد سبقني إليها منذ أمد بعيد".