xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
في البداية لابد لنا أن نعترف أن الفن الإسلامي هو المرآة الحقيقية التي أنعكست عليها معالم الحضارة الإسلامية التي أضاءة جنبات العالم، تلك الحضارة التي أتت من الصين والهند شرق إلى الأندلس غربا مرورا بأفريقيا وإيران وتركيا، والتي تميزت بمنظومة فريدة بين فنون الحضارات الأخرى، وهذا على عكس مایده بعض المستشرقين بإرجاع الأبداع الإسلامي إلى الفكر البيزنطي الذي له أصول في الفكر الأفلاطوني والقيثاغورثی. وهذا يعد من الأمور التي جانبها الصواب، فالفن الإسلامي يتميز بأسلوب متكامل واضح المعالم، ذی مضامین شاملة ونظام جلی تابع من فكرة التوحيد والإيمان بالله . .
ففلسفة الفن الإسلامي قامت على مقدرة الفنان المسلم على التعبير عن وجدانه وحسه تجاه الخالق عز وجل، لا عن طريق محاكاة الأشكال الطبيعية المحيطة به، بل عن طريق إيجاد قيم سامية يجسد من خلالها روح الأبداع، لذا أتخذ من الجمال المجرد لغة صاغ مفرداتها عبر تلك الرؤية الجديدة التي تبلورت لديه، فشكل بوعي مدرك لغة فنية تجسد قيمة التجريدية، محاولا أن يوجد لنفسه فنا ذا خصوصية لاتحكمه سوى شروط عالمه الذاتي، وتلك كانت ثورة على القيم الفنية السائدة آنذاك والتي كانت تخضع لمقاييس الفن اليوناني .
والفن الإسلامي فقد بداء قائماً على وحدة الشكل التي تكشف عن مواطن جمالية جديدة في التشكيل، هذه الوحدة التي تجمع بين الموضوعية والمنهجية ، والتي تؤكد على الرغبة في إدراك المطلق والنظرة التجريدية في إدراك المحسوسات ، والخروج من النسبي إلى الكلي لتحقيق وحدة تكاملية وتعددية جمالية في التكوينات التجريبية التي تستوحي أشكال هندسية حادة الزوايا متشابكة، أو أشكال نباتية انسيابية قائمة على نظم بنائية تحمل إمكانيات لانهائية في التأويل الدلالي ، أثرت في بناء الشكل ومن ثم البناء التصميمي للعمل الفني من خلال العلاقات بين الأشكال ، والتي هدفت إلى تحقيق بنية لا نهائية، وجمعت بين أشكال مختلفة من الرؤية الفكرية والحسية .
والبحث الحالي يتناول بالدراسة والتحليل أثر الفن الإسلامي في النظم البنائية والعمليات الإدراكية للشكل في فنون الغرب، من خلال رؤية تحليلية في نماذج من أعمال الفنان موریس كورنيلس أشر Maurits Carnelis Escher