xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
اثرت المتغيرات السياسية بداية من منتصف القرن العشرين بشكل مباشر على تركيبة المجتمع المصري، وكنتيجة لذلك، تنوعت الاحتياجات الاجتماعية دون ضوابط للدرجة التي اختفت فيها وتوارث العديد من الجماليات التي طالما شكلت وجه القاهرة التاريخية واعتبرت معها القاهرة مصدر للإلهام والابداع الثقافي.
ولقد عد هذا الانفلات الذي أصاب المجتمع المصري سبباً رئيسياً مباشرا لأصابت أخلاقه وعمارته وفنونه حيث انتشرت حالة من الفوضى الاجتماعية والفنية والمعمارية، وأصبح التطبيق الملح لسياسات الحفاظ بأنواعها أمراً اساسياً لإنقاذ الكنوز التراثية للقاهرة المتمثلة هنا في عماراتها وتراثها الإسلامي ـ ولما كانت العمارة نتاج مباشر لتفاعل الانسان مع بيئته، ترتبط طرديا بمقدار رقي الثقافة وتحضر الانسان، فهي بالضرورة كيان حي تؤثر فيه سياسات الدولة وفلسفتها لمفهوم التنمية وكيفية صياغة شكل العمران.
وتكمن مشكلة البحث الرئيسة في غياب وتخبط السياسات العمرانية والتي اتخذت موقع رد الفعل لمتطلبات الذوق المجتمعي المريض وعدم الاخذ بزمام المبادرة في سبيل ضبط والارتقاء بالمستوي والوعي الثقافي للمجتمع، وعدم تحديد الأولويات في المتطلبات المجتمعية والعمل على تغيير المفهوم والتصور المنطقي للعمارة والعمران.
ويهدف البحث الي التوصيف الدقيق للمشكلات المركبة المؤثرة في الحراك المجتمعي والسياسي في الشق الثقافي منه، وطبيعة الأمراض التي مضي على نشوئها وقت طويل حتى يصعب تحديد تاريخ الإصابة الاولي، ومدي مسئولية السياسات التخطيطية، وصانعي الثقافة وممارسيها، الذي فرضوا أذواقهم ورغباتهم علي ارض الواقع.
ويفترض البحث ان اغفال الدراسات الاجتماعية والسياسية (المنطقية المجردة) تقلل من فرص الوصول الي حلول جزرية ومستدامة لمشكلات التدهور العمراني، كما يفترض أن ثقافة المجتمع وأخلاقه وجماليته قد تنهار وتتآكل في فترة زمنية وجيزة، ولكن استعادة سلامتها وفاعليتها يحتاج الي زمان أطول وجهود جادة، حتى تستطيع ضبط التفاعل وتنظيمه وتوجيه البشر نحو هدف مشترك.
والبحث يتناول بالدراسة العلاقة التبادلية بين التحولات السياسية وعمران المناطق التاريخية بالقاهرة الإسلامية (كحدود البحث)، ويرصد كيف تعاني مصر مع التغير المضطرب والمتساهل في التعامل مع المناطق المصنفة كتراث انساني، والتي لا تدع فرصه لجني ثمار كل سياسة والاستفادة من ميزاتها وكيف ترك هذا التخبط اثاره على نفوس وسلوك وعمران ساكني المدينة.