الخلاصة:
يعتبر كتاب ‘‘ نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب وذكر وزيرها لسان الدين بن الخطيب ‘‘، كتابا لمؤرخ من طراز فريد، فهو عبارة عن موسوعة علمية، اشتملت في أخر طبعاتها علي ثمانية مجلدات، حيث ولد المقري التلمساني سنة 986 هـ - 1578 م، في بلدة مقرة وهي أحدي القري التابعة لمدينة تلمسان الجزائرية، ولذلك يكون ميلاده بعد سقوط الأندلس بصورة نهائية، بسقوط أخر مدنها مدينة غرناطة سنة 897 هـ - 1492 م، بحوالي مائة عام فقط، حيث الحدث مازال يدمي القلوب حاضرا في الأذهان، ولذلك نراه من خلال موسوعته المذكورة، عندما يتحدث عن الأندلس يتبع رواياته عنها بعبارة مكررة كثيرا في مجلدات الكتاب وهي ‘‘ أعادها الله تعالي إلي الإسلام ‘‘، ولذلك لم يترك شاردة ولا واردة في تاريخ الأندلس إلا واوردها في موسوعته العلمية عن الأندلس.
نراه دائما عاشقا للأندلس وعلمائها بصورة عامة، ولكنه أكثر عشقا وتقديرا للوزير الغرناطي لسان الدين بن الخطيب ت 776 هـ - 1374 م، والذي نال قسطا وافرا من التأريخ في تلك الموسوعة الفريدة، بل الموسوعة برمتها كتبت كإهداء لهذا الوزير الغرناطي كما جاء في عنوانها.
وقد نال المسجد الأموي بمدينة قرطبة عاصمة الإمارة والخلافة في الأندلس، كغيره من المعالم التاريخية والأثرية عناية المقري، وجرد نفسه للبحث عن كل ما كتب عن هذه الدرة الفرية في الأندلس، والبحث عن كل الكتابات التي تناولته بالكتابة والتأريخ في العصور السابقة عليه، فكشقت نصوصه في هذا الموضوع عن الجديد لبعض الكتب التي تم تحقيقها فيما بعد، أو ضاعت هذه الكتب وحفظ المقري لنا نصوصها حول المسجد الجامع الأموي وغيره، مما يعطي هذا الكتاب الموسوعي أهمية خاصة في هذا الجانب.
وامتازت رواياته حول المسجد الأموي بقرطية بتعدد الروايات التاريخية، وذلك عندما يتناول الكتابة عن الموضوع الواحد لاعتماده علي مصادر عديدة ومتنوعة، مما يتضح معه سعة ثقافته وتبحره في معظم الكتب التي طالتها يده.