xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
إن عناية المصريين القدماء بتربية حيواناتهم تحتم علينا أن نبحث في أصل عقائدهم الدينية، فقد كانوا يقدسون كثيرا من الحيوانات التي تتصل بحياتهم، وهم لم يقدسوا الحيوان لذاته، إنما قدروا فيه سراً من أسرار الخلق ولون من ألوان قدرة المعبود الخالق حسب معتقداتهم , والمصريون قد روعهم مشاهدة الحيوانات المفترسة والضرر الذي لحق بهم، فأخذوا يفكرون فيها ووجدوا أن خير سبيل إلى جلب خيرها أو اتقاء شرها أن يتقربوا إليها، وهم في كلتا الحالتين إنما عبدوا الروح الخفي في الحيوان الذي يتقمصها، وعلى ذلك فقد كانت هذه المعبودات الحيوانية ليست إلا مظهرة مجمدة القوة الإله الخفي العظيم (2). ولقد تضمنت بيئة المنافع المصورة على جدران مقابر أشراف عصر الدولة الحديثة العديد من أنواع الحيوانات المختلفة، والتي صورت في المقابر منذ عصر الدولة القديمة وما تلاها من عصور مثل أفراس النهر، والتماسيح، والسلاحف، والضفادع، وربما سباع البحر أيضا(2) ، والنمس وثعلب الماء (ويسمى الفضاغة) (3)، والتي استمرت في الظهور فيما بعد عصر الدولة القديمة ، إلا أن عصر الدولة القديمة امتاز بظهور الضفادع ضمن مناظر البراك والمستنقعات المصورة على جدران المقابر كما يتضح من منظر مقبرة مريروكا "(4)، بالإضافة لظهور السلحفاة في مياه المناقع حيث ظهرت ضمن مناظر مقبرة "محو (5)، في حين غابت القطة عن الظهور ضمن مناظر نفس الفترة. ويذكر Klebs أن فئران الحقول لم تظهر خلال عصر الدولة القديمة ضمن مناظر المنافع، ويذكر أنها ظهرت ضمن مناظر عصر الدولة الوسطى في مقابر بني حسن، حيث ظهرت بجانب منظر مبارزة الصيادين (عراك البحارة) وصيد الطيور، وهم كانوا يعيشون في ذلك الحين في الكهوف والمقابر (ع). وتجدر الإشارة إلى أن الاسم العلمي لحيوان البرنيق أو كما يتم تصنيفه تبعا لفصيلة البرنيقيات هو (Hippopotamidae)، وهي فصيلة من الثدييات تتبع رتبة مزدوجات الأصابع، وهناك نوعان فقط في هذه الفصيلة، وهما فرس النهر القزم وفرس النهر، وهي تعتبر من الثدييات كبيرة الحجم ، ولها أقدام قصيرة، وجسم ممتلئ، وأفواه ضخمة، ورؤوس كبيرة، ولديهم أربعة أصابع، ويتخلون على النباتات (7). وقد كان البرئيق أو كما يسمى فرس النهر واحدة من أهم الحيوانات التي ظهرت بكثرة في المناظر المصرية القديمة بالإضافة إلى التمساح، حيث ظهرا ضمن مناظر عقرة ختم -تب ببني حسن في منظر لصيد الأسماك، حيث تواجد وظهر أسفل قارب الصيد من جهة اليسار فرس نهر پنير رأسه تجاه صاحب المقبرة فاتح فمه، وكأنه يحذره من أن يصطاده، وعلى الجانب الآخر يظهر تمساح)، وأيضا في المقبرة نفسها في منظر لصيد الطيور بالعصا، يوجد أسفل القارب فرس نهر جهة اليمين، وجهة اليسار يظهر تمساح ويعلوه ثعبان الماء (شکل 1) . وجاء التمساح أيضا ضمن مناظر مقبرة "أوخ - حتب" رقم B2 بمير، حيث يظهر تمساح بين قاربين في الماء فيما يعرف بمناظر (مبارزة الصيادين) فوق أحد الأشخاص وقد تلت رأسه من القارب ويكاد يسقط في الماء (شكل 2) (10) . أما مقبرة سنبي" فقد تضمنت عدة أفراس نهر في منظر مزدوج لصيد الطيور والأسماك، حيث يظهر حوالي ستة أفراس نهر ، انتان منهم يجاران والباقي يجلس في سكون وهدوء (شكل 3) (11). وضمت مقابر عصر الدولة الحديثة أيضا العديد من المناظر التي تصور فرس النهر والتمساح، ولكن من أجمل هذه المناظر ما ورد في مقبرة "إنتف" رقم (155) في منظر لصيد الطيور بالعصا، حيث يظهر تمساح أسفل القارب يلتهم سمكة وفي الغالب هي سمكة بوري (انظر شكل 4) (12) ويذكرنا هذا المنظر بمنظر مقبرة "كاجمني" من عصر الدولة القديمة، حيث صور تمساح يلتهم سمكة قرموط (13)، ونلاحظ أن مناظر فرس النهر في عصر الدولة القديمة، كانت أكثر حركة وحيوية، فتارة نرى تمساح ينتظر أنثى فرس نیر تضع وليدها ليلتهمه بمقبرة "إينوت"، وتارة أخرى تری فرس نهر يهاجم تمساح بمقبرة "كاجمني".