xmlui.dri2xhtml.METS-1.0.item-abstract:
بالرغم من أن القرآن الكريم لم يرد فيه نص صريح يمنع ممارسة تصوير الكائنات الحية ، إلا أن بعض الأحاديث النبوية تناولت الكلم عن التصوير وحكمه ، وموقف النبي صلى الله عليه وسلم ، والصحابة منه ، وقد دارت حول تلك القضية الكثير من الدراسات ، وتصدى لها كثير من العلماء ، وانقسموا في آرائهم ، فمنهم من يجزم بتحريمه بشكل قطعي ، ومنهم من يذهب إلى
كراهته ، ومنهم من قال بإباحة يعضه و تحریم بعضه . وقد استقر رأي الكثير من الفقهاء على تأكيد ذلك بسبب الخوف من رجوع الناس إلى التعلق بالأوثان التي كانت سائدة في المجتمع فيما قبل ظهور الإسلام ويؤكد ذلك قول ( هيجل ) إن النبي صلى الله عليه وسلم - كما جاء في السنة - قال لزوجته أم حبيبة و أم سلمة اللتين سألناه عن الرسوم في الكنائس الأثيوبية ، فأجاب بأن هذه الصور سوف تشكو صانعيها في يوم الحساب (Hegel، 1970) وقد كانت لهذه الأسباب عظيم الأثر في تحديد المعايير التي قام عليها التصوير الإسقمي، والتي من أهمها كراهية تصوير الكائنات الحية ، فابتعد القانون آنذاك عن المحاكاة الحرفية لكل ما له روح من انسان و حیوان . ولم يكن هذا الموقف قاصر على فقهاء المذهب السني فقط بل شمل ذلك رأى المراجع القديمة للمذهب الشيعي أيضا . وبما أن القصد من التحريم كان إبعاد المسلمين عن عبادة الأصنام التي كانوا حديثي عهد يتركها ، فقد سمح ذلك بإباحة الصور التي كان الغرض منها الزينة المباحة، طالما ظلت بعيدة عن المحاذير الدينية أو الأخلاقية . " فقد كان التصوير الإسلامي - كما پری ( توماس أرنولد) - و غيره من كبار المؤرخين ، يقف عند تصوير القصص الديني المتصل بشخصيات مقدسة كمحمد و عیسی وإبراهيم ، ولكن هذا كان بمثابة أحد الجوانب فحسب ، ذلك أن التصوير الديني في الإسلام كان إلى جانب ذلك يهتم بالمواعظ والحبر كما جاء في كتب الصوفية ، وكذلك التخويف من النار وإلقاء الخشية ، و الترغيب في الجنة وحفز النفوس على الطاعة " (عكاشة، التصوير الاسلامی بين الحظر والإباحة - ، 1984)، وتظهر في هذه الصور فكرة التعبير الاصطلاحى السردي حيث لم يهتم الفنان بالتدقيق في ملامح الوجوه . وبالرغم من وجود تلك الآراء المتشددة فقد أطلق المصورون لأنفسهم الحنان في التعبير عن إبداعاتهم متحررين من الآراء والفتاوى ومن ثوابت المجتمع ، فتجاوزوا كل ذلك إلى تصوير مجالس التراب وتصوير العراه والأنبياء والملائكة ، بل وصل الأمر التصوير النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) ، كما في لوحة البراق بمخطوطة ( خمس نظامی ) التي ترجع للقرن العاشر الهجري . على سبيل المثال لا الحصر ، وهو الأمر الذي ترفضه العقيدة الإسلامية وكذلك تقاليد المجتمع ، إلا أن الفنان كما يعتقد " يقوم عملية ابداعية تتناقض كثيرة مع الطاعة والامتثال لأوامر والتقاليد المرعية ، وكونه مبدعا يعني أنه يقف في مواجهة التقاليد ، وضد السائد والمالوف إنه يبذل كل جهده من أجل الوصول إلى أقصى درجات الابتكار ، ولذا فإنه يصطدم بالثبات والاستقرار والطمأنينة " (الصباغ، 2003) وتؤكد تلك الفكرة الدراسة التي قام بها كل من عالمي الإجتماع كائل Cattei وبو نشر Butcher (1967) على مجموعة من الفنانين والمبدعين لمعرفة الخصائص المميزة لهم ، فوجدوا أن بهم إنحرافات شديدة عن معايير المجتمع ومعايير عامة الناس (صالح، 2007).