الخلاصة:
إن الحضارات الكبرى في التاريخ وخاصة الحضارة الإسلامية قد ازدهرت من خلال عدة عوامل من أهمها الانفتاح على الحضارات المعاصرة لها ، والاستفادة من معطيات تلك الحضارات من إبداع علمي وفني وفلسفي وصياغتها في رؤية شمولية موحدة تتسق والفلسفة الإسلامية مما حقق للحضارة الإسلامية ومظاهرها الفنية من مقومات القوة والانتشار والتأثير في الفكر الإنساني والفنون التالية لها بمراحلها المختلفة وصولا إلى إمتداد تأثيرها الى الفنون الحديثة والمعاصرة كما إن القيم الجمالية والفلسفية للفنون الإسلامية لا تقتصر علي مظاهره الشكلية وصفاته البصرية بل تتضمن الكثير من العناصر الرمزية والفلسفية والثقافية النابعة من المفاهيم الأيديولوجية للحضارة الإسلامية والتي تمتد إلى أبعاد زمانية ومكانية وحضارية ذات صلة بالتراث والتاريخ والفلسفة , فقد قدمت الفنون الإسلامية أساليب متنوعة للتعبير عن المفاهيم الأيديولوجية النابعة من الفكر العقائدي والتغيرات السياسية والتفاعلات المكانية والتاريخية
حيث أن الفنون الاسلامية هي تجسيد للصيغة الحضارية الإبداعية التي تنتسب إلى العقيدة الإسلامية الواضحة فكرا وتطبيقا والتي انتشرت وأستمرت متنامية دون أن تخرج عن أساسها العقائدي وفلسفتها الواسعة والتي كان لها مدى واسع من الانتشار والاستمرارية أن عملية التحديث من خلال الاستلهام من موروث الثقافة بأبعاد جذورها المحلية والتراثية هو عملية متواصلة عبر التاريخ تتضمن تأكيد الهوية وتأصيل الإبداع، فالتلاحم العضوي بين موروث الثقافة والتطور التكنولوجي والثقافي المعاصر هو السبيل للوصول إلى محتوى إبداعي يجمع بين الأصالة والمعاصرة.