الخلاصة:
يعتبر کتاب المستشرقة الألمانية د/ سيجريد هونكة ، ‘‘ شمس العرب تسطع على الغرب ‘‘ ، من الكتب القليلة التي يكاد يجمع عليها معظم المؤرخون ، شرقا وغربا ، وإن كان قد لاقى قبولا أكثر في العالمين العربي والإسلامي ، لأسباب عديدة ، أهمها كثرة المؤلفات الغربية التي غبنت حق الحضارة الإسلامية ، وعدم إظهارها بالصورة التي تستحقها ، كحلقة مهمة من حلقات الحضارة العالمية الإنسانية.
وعندما قررنا الكتابة عن منهج د ريغريد هونكة ، عن أثر الحضارة الإسلامية على الغرب ، وتناولنا الجزء الخاص بالحضارة الأندلسية ، لم يكن الهدف ، المدح أو الذم ، فقد نال الكتاب من المدح ما يستحق ، من وقت ظهوره إلى الآن ، وإنما كان الهدف الحقيقي ، محاولة للخوض في أفكار ومنهج المؤلفة ، وبخاصة في الجزء الخاص بالحضارة الأندلسية ، والتي نالت قدرا لا بأس به في صفحات الكتاب الطويلة ، بل لقد أفردت المؤلفة الكتاب السابع والأخير ، وفصوله السبعة ، من مؤلفها ، للحديث فقط عن الحضارة الأندلسية ، وذلك لإيمانها أن ما كتبته عن الحضارة الأندلسية في ثنايا جميع صفحات کتابها ، لم تشف الغلة ، ولم تكن كافية، لتناول الحضارة الأندلسية بما تستحقه ، من تغطية ، وتحتاج إلى المزيد من الكتابة.
والحقيقة أن د/ هونكة قد تجردت تجردا ، يصعب أن نجده كثيرا في كتابات الكثير من المستشرقين الذين تناولوا ، الكتابة عن الحضارة الإسلامية شرقا وغربا في عصرها الذهبي ، وقد جاء هذا التجرد بحكم نشأتها العلمية الأكاديمية الواعية ، وقد أعطى هذا التجرد ، مصداقية كبيرة لكتاباتها.
فقد نظرت في الكتابات العلمية الأوربية لبني جلدتها ، على حد تعبيرها ، فوجدت قصورا علميا شديدا في تناول حقبة الحضارة الإسلامية شرقا وغربا في معظم الكتابات الغربية ، والذين تناولوها ، غلب عليهم إما التعصب ، أو عدم المعرفة ، لأسس وأصول وإسهامات تلك الحضارة ، وقد أشارت إلى ذلك التقصير في بداية كتابها ، عندما ذكرت ، أن المتصفح لمائة كتاب تاریخی غربي ، لا يجد اسما للعرب ، ولا لحضارتهم في أكثر من ثمانية وتسعين ورقة ، من محتويات تلك الكتب.