الخلاصة:
على المصمم المبدع دائمأ إيجاد علاقات جديدة من بين مجموعة من الحقائق للوصول بها إلى محتوى فكري وتشكيلي يحقق المتعة الجمالية والمصمم المبدع المسلم كانت لديه مهمة أخرى بخلاف ذلك في التعبير عن الوجود من زاوية التصور الإسلامي بصدق وبإحسان فهو في حالة من التعبد الدائم. إن الإيداع التصميمي عند الفنان المسلم يقوم على حاله من التكامل والإنسجام مع العقيده وأصبح التسبيح لخالق واحد أحد هو (الله) المفهوم الحاكم للعمارة والفنون الإسلامية. استطاعت الهندسة أن تفرض سيادتها على العمارة والفنون الإسلامية، واستطاع المسلمون إستخراج أنساق هندسية متنوعة وشبكات تكرارية تنمو بلا نهائية، فقد ألم المصمم المسلم بالبراهين الهندسية بل وقد صاغ الجديد منها وقد أوصلها إلى مستويات لم تعرفه من قبل لينتج فن جمالي تشكيلي نابع من عمق المعرفة العلمية المتقدمة ليزين بها مبانيه من الداخل والخارج . معرفة المبدع المسلم بالهندسة التطبيقية جعلته يخطوا خطوات نحو أساليب تصميمية وتقنية ذات مستوى هندسي متقدم حيث لايمكن فهمها أو تحليله إلا من خلال فهم واعي للهندسية وخصائص الأشكال والمضلعات وهذه المعرفة المتقدمة لم يكشف عنها إلا في النصف الثاني من القرن العشرين في العالم الغربي . فبحلول القرن الرابع عشر الميلادي استطاع المصمم المسلم أن يطور تكنيك هندسي في تركيب النسق التكراري القابل للنمو بلانهائية، وعبقرية هذه الهندسة البديلة هي إمكانياتها إستخدام أشكال شبه بلورية في عمل الأنساق التكرارية التي كان يعتقد حتى منتصف القرن العشرين أن الأشكال الشبه بلورية لا تصلح لعمل أنساق وأيضاً كان يعتقد أن بناء النسق التكراري لابد ان يكون لوري حتى نحصل
على التكرار المنتظم ولكن المصمم المسلم إستطاع حمل تسق تكراري غير دوري وفي نفس الوقت قابل للنمو وقد سميت هذه الهندسة الغير مرئية بإسم (نظام الكيرة الإسلامي). نظام الكيره هو طريقة هندسية خاصة جدا لبناء نسق تكراري بصورة مرئية من خلال أشكال شبه بلورية غير مرئية وكأنه الصورة الفوتوغرافية السالبة للنسق. فمن خلال خمسة أشكال مضلعة فقط وما تحويه هذه الأشكال في داخلها من خطوط وزخارف إستطاع المصمم المسلم أن يبني نسق مرئي تكراري قابل للنمو والتمدد في جميع الإتجاهات من نظام غير مرئي وغير لوري. وهذه الهندسة البديلة لم يكشف عنها الستار إلا في النصف الثاني من القرن العشرين ونسبت إلى عالم الفيزياء المعاصر (روجر بنروز) وسميت هذه الهندسة البديلة الغير مرئية في عمل الأنساق بنسق (بتروز) ولكن المبدع المسلم سبق عالم الفيزياء المعاصر بخمسة قرون.
مشكلة البحث كانت الطريقة التقليدية في فهم ودراسة الأنساق الإسلامية تعتمد على الرسم من خلال الأدوات الهندسية مثل البرجل والمسطرة ثم رسم الدوائر والمستقيمات للحصول على الوحدة البنائية ثم تكرارها. ولكن في فترة العصور الوسطى الإسلامية يظهر تقدم معرفي هندسي من خلال مجموعة من المضلعات الذي أطلق عليه نظام الكيره وهي الهندسة البديلة الغير مرئية وهي أيضا الصورة الفوتوغرافية السالبة للنسق التي بني عليها المبدع المسلم أنساقه التكرارية وهذا النظام البديع مكنه من خلق أنساق معقدة من أشكال شبه بلورية غير دورية لها صفة التشابه الذاتي وذلك قبل بنروز بخمسة قرون. تنبع مشكلة البحث من الغياب المعرفي للهندسة البديلة الغير مرئية (نظام الكيره) للمعالجات الداخلية في العمارة الإسلامية كأحد الأنظمة الجمالية التشكيلية الغير مسبوقة وكيف يمكن الإستفادة من (نظام الكيره) في توليد أفكار تشكيلية وتصميمية جيدة وخلق معالجات داخليه وبنيات معاصرة وأيضا الغياب المعرفي للأشكال البلورية والأشكال الشبه بلورية وقدرتها على خلق نسق تكراري غير دوري له صفة التشابه الذاتي عن وعي المصمم الداخلي. ومن ما سبق يطرح البحث مجموعة من الأسئلة. الأسئلة التي يطرحها البحث ما هي الركائز الأساسية للإبداع التصميمي في الهندسة الغير مرئية لنظام الكيره للنسق التكراري وما هي السمات الجمالية الحاكمة للنمو في النسق الغير مرئي النظام الكير: سما هي الطريقة الهندسية التقليدية في بناء الأنساق في مقابل الهندسة البديلة الغير مرئية كمعرفة متقدمة؟ ما هي الأشكال الهندسية البلورية والشبه بلورية وما تحمله من خصائص؟ ما هو نظام الكيره وكيفية إستخدامه لعمل أنساق تدل على معرفة متقدمة؟ ماهي الشواهد الأثرية في العمارة والفنون التي تثبت السبق المعرفي المتقدم للحضارة الإسلامية قبل الغرب بخمسة قرون؟ ما هو نظام (بنروز) المعاصر في بناء الأنساق؟ كيفية الإستفادة من نظام الجيرة الإسلامي في عمل نسق تكراري معاصر في معالجات أسطح وعناصر التصميم الداخلي؟ أهمية البحث تكمن أهمية هذه الدراسة في إحياء علوم الحضارة الإسلامية والتوثيق لحفظ التراث الإسلامي من خلال طرح تحليلي للمعرفة الهندسية المتقدمة في العصور الذهبية للحضارة الإسلامية. توفر مصدرا للتعرف على الفكر الإبداعي التصميمي للنسق الإسلامي القابل للنمو في جميع الإتجاهات وبلانهائية والأسس الهندسية القائمة عليها والإستفادة منها في المعالجات الداخلية المعاصرة.
هدف البحث التعريف بعلوم الحضارة الإسلامية والكشف عن المعرفة الهندسية المتقدمة لها في دراسة وتحليل نظام الكيره في مقابل نظام بتروز - استعراض الشواهد الأثرية والأدلة التاريخية التي تثبت السبق المعرفي في مجموعة من البلاد الإسلامية والإستفادة من نظام الكيره الإسلامي في عمل أنساق معاصرة تكرارية قابلة للنمو في معالجات التصميم الداخلي. منهجية البحث تنتهج الدراسة المنهج الوصفي التحليلي للهندسة البديلة (نظام الكيره) والأشكال البلورية والشبه بلورية والتعريف بنظام (بنروز) المعاصر. والمنهج التحليلي من خلال طريقة كل نظام في بناء الأنساق وقدرة كل نظام في بناء نسق تكراري له خصائص هندسية متقدمة. إستعراض الشواهد الأثرية التي تثبت السبق المعرفي وأيضا عرض وتحليل المجموعة من الأعمال التصميمية المعاصرة المختارة وعمل مجموعة من التصميمات الخاصة بالباحثة للوصول إلى النتائج.