الخلاصة:
تمتعت إيران بشهرة واسعة في مجال إتقانها لمختلف الفنون , فقد أسهمت منذ أقدم عصورها التاريخية بدور بارز في تطوير الفن الإسلامي عامة وفي تطوير فن صناعة التحف التطبيقية وخصوصا التحف المعدنية، حيث وصلت في هذا المجال لدرجة عالية من النضوج والإبداع الفني ، تلك الدرجة التي لم يصل إليها غيرها من الشعوب الإسلامية الأخرى ، حيث عرف هذا الشعب كيف يتقن ويبدع في منتجاته الفنية المختلفة, كما استطاع أن يضفي عليها نوعأ ومظهراً من مظاهر الفخامة والعظمة التي اتسم بها حكام إيران.
وقد تميزت المشغولات والمنتجات المعدنية بتعدد أشكالها وتنوع المواد الخام المصنوعة منها ، وكذلك اختلاف وتعدد الأساليب الصناعية والزخرفية المتبعة في صناعتها وزخرفتها ، وقد تنافس صناع تلك المعادن - وخصوصا في الفترة القاجارية- في إنتاج قطع فنية فريدة وشديدة الإثارة والإتقان حرصا منهم على إرضاء ملوك هذا العصر.
حيث إن الأعمال الفنية القاجارية تتسم بسحر بسيط يتجسد من خلال تفاصيل فنية متعددة عبرت بصدق عن مرحلة استعادت فيها إيران الحياة مرة أخرى خلال القرن الثالث عشر الهجري/ التاسع عشر الميلادي.
وازدهر فن التصوير خلال العصر القاجاري على يد كوكبة من الفنانين والمصورين الذين أسهموا في إيقاظ فن التصوير الإيراني من سباته العميق الذي دام لفترة طويلة امتدت من نهايات العصر الصفوي وحتى بدايات العصر القاجاري, تلك الفترة التي شهدت انتكاسة واضحة الفن التصوير، حيث يرى مؤرخوا الفن الإيراني أنه على الرغم من وجود أعمال فنية تنتمي لتلك الفترة ، إلا أنها كانت ضعيفة على المستوى الفني إذا ما قورنت بمثيلاتها التي تعود للعصر الصفوي أو تلك التي أنتجت فيما بعد في العصر القاجاري.
فقد استيقظ فن التصوير الإيراني في العصر القاجاري على يد نخبة من الفنانين الذين عشقوا فن التصوير الإيراني , فراحوا يعبرون عن مدى عشقهم هذا من خلال أفكارهم وأدواتهم الخلابة التي أسهمت في استعادة نهضة فن التصوير الإيراني مرتدية حلة جديدة جعلت منه فا مميزا لا تخطئه عين الناقد أو المشاهد لتلك الأعمال الفنية ، لذلك ظهر ما يعرف بالتصميم الزخرفي الجيد بمعناه الصحيح حيث يعطينا التصميم التركيبي ويؤكد استنادا على صفاته الجميلة ووظيفته ؛ ولهذا يجب ألا يكون التصميم الزخرفي وحدة منفصلة عن العمل. (1)
وتقوم هذه الدراسة على دراسة كأس من النحاس بمجموعة سمو الأميرة موضي بنت عساف بالرياض بالمملكة العربية السعودية ينشر لأول مرة، مزين بزخارف الكائنات الحية والزخارف النباتية والهندسية التي لا تقل أهميتها عن مثيلاتها في تصاوير المخطوطات القاجارية والتحف الإيرانية المزخرفة بالمينا أو اللاكيه مما يجعله نموذجا جيدا لدراسة التصوير القاجاري على التحف المعدنية ، بالإضافة إلى أنه يلفت انتباه المتخصص في الآثار والفنون الإسلامية بما يشتمل عليه من زخارف، وعلاوة على ذلك لم تتطرق إليه دراسة سابقة, وسيتم تناوله عن طريق الدراسة الوصفية، يليها الدراسة التحليلية والمقارنة، ثم النتائج التي توصل إليها البحث .