الخلاصة:
لقد كان العرب المسلمون على قسط وافر من سعة الأفق السياسي والحضاري ، بحيث حافظوا على التقاليد الفنية والصناعية في البلاد التي فتحوها ، بل وعملوا على تقدمها وتطورها ، واستطاعت الدول الإسلامية بفضل الروح الإسلامية الجديدة و الخبرات الفنية والصناعية المتنوعة التي تتمتع بها شعوب العرب والفرس والروم والقبط وغيرهم أن تبتكر فناً جديداً يمتاز بامتزاج التقاليد الفنية و الصناعية المختلفة وسيادة الطابع العربي الإسلامي .
وعلى ذلك نستطيع القول بأن الفن الإسلامي أخذ قوامه الروحي من شبه الجزيرة العربية ، أما قوامه الفني فقد تم صوغه في أماكن أخرى كانت له فيها قوة وحياه ، كما أن الفن الإسلامي قام على أسس من الروح العربية والفنون التي كانت سائدة في البلاد التي فتحها العرب والتي أصبحت تكون جزءا من الدولة الإسلامية وهي الفن الساساني والبيزنطي والمصري والروماني والفن الهندي وفنون الصين وآسيا الصغرى ، وإن اختلف علماء الآثار في تحديد نصيب كل من الفنون القديمة في بناء الفن الإسلامي الجديد الذي لم يأخذ كل ما صادفه في فنون الحضارات من موضوعات و عناصر - بل وقف منها موقف الفاحص الناقد ، لذلك نجد الفنان المسلم قد أمضى فترة طويلة في عملية استجماع و اختیار ومزج ، فقد جمع العناصر الزخرفية من فنون البلاد التي خضعت للإمبراطورية الإسلامية المترامية الأطراف والتي امتدت من الهند شرقا إلى شمال أفريقيا وبلاد الأندلس غرباً ، ثم اختيار ما لا يتعارض منها مع أحكام الدين الجديد ، وقد استمرت هذه العملية من جمع ومزج واستبعاد حوالي ثلاثة قرون تقريبا ، وأصبح للفن الإسلامي بعدها مميزاته الخاصة التي تكاد لا تخطئها العين .
