الخلاصة:
اكتسب فن التصوير الجداري أهمية كبيرة باعتباره نوع من أنواع التعبير الفني؛ فهو كسجل يرصد تطور جوانب البشرية. وفي الوقت المعاصر لم يعد مجرد تسجيل لحضارات الشعوب وتجسيد لملامح هويته الثقافية فقط، وإنما أصبح لاعب دور أساسي في تنمية وإحياء الثقافة البصرية، وتصحيح مفاهيم الرؤية.
تساهم الأعمال الفنية الجدارية بشكل خاص في تنمية الحس الفطري للفرد، والارتقاء بذوقه الجمالي عن طريق إدركها والاستمتاع بها، كما تُعمق الوعي الثقافي للمجتمع.
تتضمن المعاني والأفكار الأيدلوجية في الأعمال الجدارية رمزًا أو عدة رموز تحمل معان أو أفكار مختلفة، وقد يكون مضمون تلك الأفكار ظاهرًا أو متضمنًا، وكلاهما يكمل الآخر. وعلى هذا الأساس فإنه لا يُنظر إلى الجداريات التصويرية بوصفها شكلًا يجذب انتباه المتلقي أو يُثير اهتمامه، وإنما يُنظر إلى تكوينها وما تحمله من أفكار ومعان، وما تجسده من معالم أو أبعاد فكرية في إطار الغرض الذي يسعي إلي تحقيقه الفنان؛ فالتصميمات المستحدثة للجداريات المعاصرة تعكس الصفات الإنسانية، والقيم والقضايا والمشكلات الاجتماعية والسياسية، والنظم والتعاليم الدينية في المجتمع، كما تعكس العادات والأعراف والتقاليد والأفكار، ومنها ما يُسهم في الحفاظ على تاريخ المجتمع وتماسكه ونمو الذوق الفني لدى أفراده. ومنها ما يتعلق بثقافة المتلقي الذي يتأمل تلك الأعمال الجدارية التي تعبر عن حرية التعبير عن الأفكار، وحرية اختيار المفردات الشكلية المرتبطة بالبيئة والمجتمع، وما تقوم به من توثيق لفكر المجتمع، ونقد قضاياه ومشكلاته.
كما تلعب واجهات المباني والمنشآت المعمارية دورًا كبيرًا في توضيح مفاهيم التصميم والتشكيل، وإظهار توافق المصمم والمتلقي أو تناقضهما. كما تحمل الواجهات تأثيرات الزمان والمكان والثقافات والتقنيات المتاحة وغيرها من الأمور، وقد لعب برنامج فيلادلفيا وبالتيمور (Philadelphia and Baltimore) دورًا مهمًّا في تجميل واجهات المباني والمنشات المعمارية وغيرها.
يُساعد الاهتمام بتجميل الواجهات المعمارية والمحيط البيئي لها على الارتقاء بالحس الجمالي للأفراد، كما يُؤثر تأثيرًا إيجابيًّا على الناحية النفسية والفيسولوجية للأفراد والمجتمع ككل.