الخلاصة:
فگر بداية في استخدام الفنانين المعاصرين للجسد البشري: تمشيط الشعر في أنماط تمثل الحروف الصينية، أو نسجه داخل بساط، أو نتفه من جسد الفنان لوضعه في تمثيل شمعي صغير لجثمان والد الفنان؛ تقطير الدم من جروح ألحقها الفنان بنفسه فوق لوحة الرسم، أو استخدامه في صنع تمثال نصفي لنفسه؛ وضع علامات فوق اللوحات - أو فوق الصلبان - عن طريق قذف المني فوقهاء إجراء جراحات تجميلية كفن أدائي؛ أذن بشرية مزروعة في صحون بتري المختبرية؛ وجثة رضيع تطهى (وعلى ما يبدو تؤكل). يبدو أن الفن المعاصر يحيا داخل نطاق حرية، منفصلا عن السمة الدنيوية والعملية للحياة اليومية، وعن قواعدها وتقاليدها. يزدهر داخل ذلك النطاق - جنبا إلى جنب مع لهو فكري وتأمل أكثر هدوءا - مزيج غريب من الابتكار الكرنفالي، والانتهاكات الهمجية للأخلاق، والإساءات ضد نظم الاعتقاد. إن نقاشات الفن المعاصر - بدءا من المجلات المتخصصة إلى الأعمدة الصحفية الموجزة - تنطوي على تأويلات تتسم بالاحترام، وانحرافات فلسفية معقدة، ودعايات متملقة، وفي النهاية إدانة وتهكم ورفض. بيد أن هذا المشهد المألوف - مدى قدم خرق القواعد في مجال الفن ورسوخه، ومدى رتابة التوصيات والإدانات - يحجب تغيرا حديثا مهما.
جزء من هذا التغير كان مدفوعا بمخاوف داخلية بمجال الفن، في حين أن جزءا آخر جاء استجابة لتحول سياسي واقتصادي أوسع نطاقا. للوهلة الأولى يبدو أنه لا يوجد نظام وفقا له يكون الفن في وقتنا الحالي مختلفا عن الاقتصاد النيوليبرالي العالمي، القائم على نموذج - إن لم يكن ممارسة - التجارة الحرة. يعمل الاقتصاد على نحو صارم وذرائعي وفقا لتقاليد صارمة تفرضها الكيانات الاقتصادية الكبرى متعددة الجنسيات بطريقة جائرة على الشعوب كافة، كما يرسخ هياكل هرمية للثروة والسلطة، ويفرض على الأغلبية