حضارات الشرق القديم بين علم الآثار وحفريات الإبداع

Abstract

يمثل مضمون هذا العنوان الكتاب الرابع الذي يرى النور من سلسلة الموائد المستديرة التي تنظمها كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط ومؤسسة كونراد أديناور و الجمعية المغربية للبحث في الدراسات الشرقية، تفرع درس هذه المائدة فروعا ثلاثة : فرعا اهتم باللغات الشرقية أركيولوجيا وتاريخا وعقائد، في أبحاث قائمة الذات أو في قراءات ناقدة. وفرعا اهتم بالفارسية خاصة، لغة وأدبا. وشكلت اللغة الفينيقية موضوع الفرع الثالث. وهكذا كان أول بحث بعنوان "من اللسانيات إلى علم الآثار : اللغة العبرية أنموذجا"، وفيه نظر الأستاذ عبد الكريم بوفرة في كثير من الأبحاث الحديثة التي جعلت كتاب التوراة مرتكزا لحاضر إسرائيل اليوم، وقد قصد کٹير ممن لهم اليوم رغبة في الجمع بين السياسة والدين، أن يبحثوا في العلوم ذات الصبغة القطعية مثل علم الآثار وعلم الجينات وعلم الألسن، لعلهم يؤكدون حقائق عجز علم اللغة العبرية و التفسير و تأويل رجال الدين الأحبار ورجال اللاهوت عن إثباتها. يأتي بعده بحث الأساتذة نزهة الزبيري بعنوان "فيلولوجيا الساميات وموقعها من دراسات الشرق القديم. وفيه وقفت الباحثة على ما انشغلت به جماعة من المستشرقين الكلاسيكيين مما هو من خاصة الشرق القديم، فتحدثت عن قراءتهم لما خلفته أرضه في مواقع تنقيباتهم وما وضعوه في تاريخه وما بحثوا في مدوناته الدينية القديمة وفي مجمل اللغات الشرقية في كل أسرها، سامية ولغات أسيوية، وذكرت بما وضعوا من مقدمات في مناهج الفيلولوجيا والبحث، مع ما رافق ذلك من تصنيف للمخطوطات ونشر للنصوص ووضع لمدونات المعاجم وكراسات الأنحاء والمقارنات النحوية وترجمات النصوص وغير ذلك. وأعدت الباحثة سعاد الكتبية قراءة عنونتها "التفاعل الحضاري الديني واللغوي بين الشرق القديم ومنطقة وادي النيل". قراءة في كتاب "آلهة مصر العربية". القراءة تحليل لكتاب الباحث الرصين على فهمي خشيم. والدكتور خشيم في كتابه هذا رجع إلى كثير من المصادر التاريخية والمدونات اللغوية والابحاث الفيلولوجية، يريد من كل ذلك أن يثبت أن سكان مصر القدامي ما كانوا إلا امتدادا للوطن العربي لا فرق بين شرقه وجنوبه، وأنهم امتداد له، عادات ودينا ولغة. وتحدث الأستاذ سعيد كفايتي في بحثه "سعديا بن يوسف الفيومي حلقة وصل بين الثقافتين العبرية والعربية" عن علم من أعلام اليهود ممن عاش في مصر القرن التاسع - العاشر الميلاديين، فبين كيف تأثر هذا العلم بالثقافة العربية ونهج نهج المفسرين المسلمين في تفاسيره التوراتية ومؤلفاته المعجمية ومنهاجه الكلامي. واهتم الأستاذ أحمد شحلان بالتشريع التوراتي في العنوان : "من قانون حمورابي إلى الوصايا العشر التوراتية وشريعة العهد الجديد". وأوضح أن مدونة التوراة في شكلها الحالي لم تكن إلا جماعا لما عرفه الشرق القديم من فعل إنساني حضاري. صحيح أن التوراة تتضمن أصولا سماوية، غير أن ما طرأ عليها غير الكثير في الأصول، وأضاف إليها الكثير بدءا من موروث سومر إلى تراث فلسطين، ثم تعدى الأمر ذلك إلى الأناجيل، مما جعل الغرب يعتبرون حضارتهم "حضارة يهودية مسيحية". حقائق بحثية وحفريات تجلت معالمها أيضا في قراءة كتاب "أساطير التوراة الكبرى وتراث الشرق الأدنى القديم" للأستاذة السعدية المنتصر، وهو كتاب تناول بالتحليل ثلاث قضايا أساسية هي الخلق والجنة والدار الأخرى والطوفان. وقد أدرج الكتاب هذه القضايا في سياق الأساطير لا من حيث قضايا وردت في الكتب السماوية الحق، ولكن باعتبار أن مدوني التوراة عندما دو نوا، رجعوا إلى تراث الشعوب القديمة فمزجوه مزجا ووضعوا للناس ما | أصبح معروفا باسم التوراة. ويتجلی تداخل ثقافة الشرق القديم بكل أبعادها في بحث "الروی