الخلاصة:
الحمد لله الذي أنزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين
بشيرا ونذيرا، والصلاة والسلام على خاتم النبيين،
وسيد المرسلين، الذي بعثه ربه بالحنيفية السمحة، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك، اللهم صل عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وعلى من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد لما كان الإنسان مدنية طبعا وفطرة، ومائة إلى بني جنسه، احتاج أن يخالط الناس في شئون حياته، وهذا الاختلاط قد يورث التنازع عند السعي للحصول على الحاجات و الضرورات اللازمة، وتحقيق المصالح، لذا اشتدت حاجة الناس إلى وجود قانون عادل شامل عام لكل أجناس البشر وأنواعهم وأصنافهم بعید عن التحيز إلى فئة معينة أو صنف خاص، فأرسل الله النبيين والمرسلين وأنزل معهم الكتاب والميزان؛ ليقوم الناس بالقسط والعدل، وأنزل الله على خاتم رسله محمد و كتابه الخاتم الذي ضمنه أصول ما يحتاج إليه الإنسان ليقيم حياة طيبة، وأمرنا أن نرجع ونتحاكم إليه ، وإلى سنة رسوله عند النزاع وفضل الخصومات، فقام جهابذة الفقهاء باستخراج أحكام القضاء وأركانه وآدابه، وبيان الدعاوی الصحيحة والفاسدة، وألفت كتب كثيرة في أصول القضاء، مستنبطين ذلك من كتاب الله وسنة رسول الله ومن قضايا الصحابة والتابعين، فجزاهم الله خير الجزاء عن أمة الإسلام وبما أن لكل عصر رجاله وأحواله زمان و مکان)، كان التغير والاجتهاد في الأحكام دون المساس بالثوابت، تبعا لتغير أحوال الناس، فاجتهدت أحكام قضائية تبعا لما أحدث الناس من قضايا، وما نزل بهم من نوازل، وأمام هذه المتغيرات البشرية كان لزاما إيجاد مخارج وأحكام ليحكم بها القاضي، ولا بد له من قواعد وقوانين تنظم له إصدار الأحكام، لذلك كانت هناك أحكام القضاء سواء شرعية أو مدنية، على اختلاف متطلبات القضاء الشرعي والمدني. ولأهمية هذا الموضوع والحاجة إلى الإسهام فيه رأيت أن أشارك ببحثي هذا إخواننا القضاة والعاملين في المحاكم الشرعية والمدنية والعاملين بالنيابة العامة باختلاف درجاتهم ، والمحامين ، وكل من له صلة بأمر القضاء، وأساهم بهذه السطور المختصرة، وإن كانت غير خافية على من ذكرنا، ولكن عرضها بصورة ميسرة مختصرة يجعلها أقرب لأن تكون تذكرة لهم عند قيامهم بهذه المهمة العظيمة، وأرجو أيضا أن تكون رافدا داخليا يزدادون به نفعا في مهام عملهم، وأن تسهم في زيادة التذكير بمعنى القضاء وأهميته في الإسلام.