الخلاصة:
الحمد لله رب العالمين أن أعانني على إتمام هذا العمل، و الصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أفصح الناس لسانا وأوضحهم بيانا، أما بعد،
تنعم الإنسانية بإمتلاكها تراثا معماريا يزخر بالعديد من القيم الأثرية والتاريخية والفنية والمعمارية، ويتوع في طبيعة إستخداماته وحالاته، كافة هذه القيم وتنوع هذه الإستخدامات يحتم الحفاظ على هذا الإرث ونقله بأفضل حالة للأجيال القادمة.
ولما كانت المباني الأثرية والتراثية تنشأ لأغراض مختلفة ما بين دينية وسكنية وخدمية وتجارية وحتى تذكارية، إلا أن هذه الإستخدامات كانت تساعد على إستمراريتها. لكن مع مرور الزمن وتطور إحتياجات العصر، تعرض العديد من هذه المباني للهجر وتوقف إستخدامها، إما لضعف في حالتها الإنشائية والمعمارية، أو أنها قد فقدت حاجة المجتمع للإستخدام الذي تقوم به، ومن ثم تتعرض هذه المباني للعديد من المشاكل التي تهدد إستدامتها والحفاظ عليها وعلى ما تحمله من قيم
ومن أهم التوجهات العالمية للحفاظ على المباني الأثرية هو إعادة تأهيلها واستخدامها في إستخدامات ملاءمة يكون المجتمع بحاجة إليها، ومن ثم إعادة دمج هذه المباني في محيطها وفي حياة المجتمع سواء كانو مستخدمين للمبنى أو قاطنين بالمنطقة التراثية.
يأتي مصطلح إعادة التأهيل ليشمل المبنى الأثري نفسه من خلال القيام بترميمه وإعادة إستخدامه، ويكون المصطلح إعادة التأهيل وليس التأهيل، على إعتبار أن المبنى كان مؤهلا ومستخدم سابقا، ثم فقد وظيفته أو تحول إستخدامه، ومن ثم فهو بحاجة لإعادة التأهيل لإمكانية الحفاظ عليه والإستفادة منه. ويمكن تطبيق مصطلح إعادة التأهيل على الموقع الأثري أو التراثي، ويكون المعني منه في هذه الحالة هو تحسين المنطقة والإرتقاء بها لتناسب خطط إدارتها والحفاظ عليها.
ونظرا لأن مفهوم إعادة التأهيل يمكن تناوله من خلال الثنائية المكونة له، وهي الترميم وإعادة الإستخدام ونظرا لأن علم ترميم الآثار هو علم واسع، امتد بجذوره إلى كافة المجالات التوظيفها للحفاظ على الآثار، فكان من الصعب أن يضم الكتاب كافة الإجراءات المتعلقة بترميم المباني الأثرية، ولكن ركز المحتوى العلمي للكتاب على إجراء إعادة الإستخدام بإعتباره محور عملية إعادة التأهيل للمبنى الأثري. حيث يجب عمل الدراسات اللازمة لإعادة الإستخدام واقتراح الإستخدام الأمثل للمبنى ومحيطه قبل وضع خطة الترميم، يلي ذلك وضع مقترح للترميم والصيانة يراعي متطلبات الإستخدام المقترح، ثم البدء بتطبيق خطة الترميم والصيانة فعليا.
محتوى الكتاب هو جزء من رسالة الماجستير الخاصة بالمؤلف والمتخصصة في مجال إعادة إستخدام المباني الأثرية، وقد تم الإستعانة من الرسالة بالخطة المقترحة لإعادة تأهيل مصنع المهمات الحربية بقلعة صلاح الدين، حتى يمكن فهم المنهجية المقترحة لإعادة تأهيل المباني الأثرية بشكل متكامل.
يتضمن الكتاب خمسة فصول، الأول منها بعنوان إعادة تأهيل المباني الأثرية كأحد أساليب الحفاظ۔ الفصل الثاني بعنوان تجارب سابقة في مجال إعادة التأهيل ويتضمن عرض اثنين من التجارب الدولية
متحف أورساي بفرنسا ومجمع السليمانية بتركيا) واثنين من التجارب العربية (خان الوكالة بفلسطين و قصر العظم بسوريا) وثلاث من التجارب المحلية (كوبري دمياط التاريخي و متحف النسيج بالقاهرة و كلية التربية الموسيقية بالقاهرة). الفصل الثالث بعنوان الدراسات اللازمة لتأهيل المباني الأثرية ومحيطها ويتضمن دراسات الوضع الراهن للمبنى الأثري ومحيطه، الفحوص والتحاليل اللازمة واختبارات مواد البناء الأثرية، إقتراح خطة لإعادة إستخدام المبنى الأثري. الفصل الرابع بعنوان إقتراح خطة للعلاج والصيانة تطبيقا على مصنع المهمات الحربية.
أتمنى أن يجد القارئ ما يبحث عنه في مجال إعادة التأهيل وإعادة الإستخدام ضمن محتوى الكتاب، وأتمنى من الله أن ينال إستحسان القراء من المتخصصين و المعنيين بالحفاظ على الآثار والتراث.