الدائرة المتوسطية تأصيلات ثقافية واجتماعية وتاريخية

Abstract

منذ صدر كتاب "فلسفة الثورة" للرئيس المصرى الراحل جمال عبد الناصر ،صدرت دراسات عديدة عن الدائرة الافريقية باعتبارها دائرة من بين الدوائر التى تنتمي اليها مصر بل وجرى تاسيس معهد للدراسات السودانية الذى اصبح فيما بعد معهد البحوث والدراسات الافريقية التابع لجامعة القاهرة . وصدرت دراسات عديدة عن الدائرة العربية او انتماء مصر العربى ، وجرى تاسيس اكثر من معهد ومركز ابحاث للوفاء بما تستحقة هذه الدائرة من اهتمام ، وكان بعض هذه المعاهد تابعا لجامعة الدول العربية بالاضافة للتركيز على هذه الدائرة فى اقسام التاريخ والجغرافيا والاجتماع .. فىمختلف كليات الجامعات المصرية وغير المصرية . اما الدائرة الاسلامية فحظيت هى الاخرى باهتمام ربما كان اكثر من الاهتمام بالدائرتين السابقتين لان الدائرتين السابقتين تتطويان الى حد ما تحتها ولوجود تجارب تاريخية سابقة كالجامعة الاسلامية مثلا ومنظمة المؤتمر الاسلامى بعد ذلك ، ولاسباب اخرى مختلفة .اما الدائرة المتوسطية والتى نعنى بها ثقافة البحر المتوسط ذات السمات الواضحة فى كثير من الدول والكيانات المطلة عليه والتى تمتد احيانا الى الداخل خاصة على الجانب الاوروبى حتى تعانق جزءا كبيرا من اوروبا الدانوبية (اوروبا المطلة على نهر الدانوب) فلم تحظ بالاهتمام الكافى مع ان هذة السمات المتوسطية تكاد لا تغفل عنصرا واحدا من المكون الثقافى المصرى بل وبدا لبعض الوقت ان هذه الدائرة ربما كانت ملاذا للتمسك بالهوية المصرية العربية الاسلامية الممتزجة بالتقدم العلمى والمشربة بالتسامح الدينى اكثر من دوائر او نظم يراد فرضها فى اطار العولمة ويهدف كتابنا هذا لتقديم بعض التجذير التاريخى والاجتماعى لهذة الدائرة المهمة من خلال اربعة بحوث سبق نشر معظمها فى دوريات علمية وجامعية محترمة من هذه البحوث بحث نشرتة فى سنة 1988م (1408ه) فى مجلةكلية الاداب . جامعة الملك عبد العزيز فى جدة عن التفاعل الاجتماعى الوثيق بين المسلمين سواء كانوا من البربر او من العرب او من الاسبان واهل اسبانيا الكاثوليك الذين اصروا على بقاء المسلمين رغم سقوط دولتهم اى دولة المسلمين سياسيا ويثبت هذا البحث بوثائق دامغة ان الاصرار على طرد المسلمين كان لاسباب غير طبيعية وقد ادى هذا الانهيار اقتصادى عانت منه اسبانيا بعد ذلك ولفترة غير قصيرة فى القرن 16 وبداية17 كما يشير هذا البحث لتعاون اسلامي يهودي فى زمام الثقافة المتوسطية امتد ليشمل سواحل المغرب كلها بل ووصل الى تركيا ذاتها (مركز الدولة العثمانية) وفى هذا الكتاب مبحث اخر عن جنوة والبندقية وكان الساحل الجنوى المتوسطى يعرف بالبحر الليجورى وما جرى من تفاعلات اقتصادية مع الكيانات الاسلامية على طول البحر المتوسط فى القرنين16 و17 وقد نشرت هذا البحث فى المجلة التاريخية المغربية فى العدد 43 الصادر فى نوفمبر سنه 1988 لقد كان لهذاالتفاعل اثره الكبير فى دور المسلمين فى صياغة التاريخ الاوروبى الحديث كما ان العكس صحيح ايضا بلا جدال