عماره المساجد بين مظاهر العالمیة والخصوصیة المحلیة

Abstract

جاء الاسلام للناس كافه فى كل زمان ومكان ويؤكد القران هذا المعنى فى قوله "وما ارسلناكلاكافه للناس بشيرا ونذيرا ولكن اكثر الناس لا يعلمون "(سبا :28) ومن ثم فكان الاسلام دعوه عالميه .ومع اتساع حركه الفتوح الاسلاميه وبناء دوله اسلاميه متراميه الاطراف على اراضي مختلفه البيئات والثقافات متباينه من حيث الموروث الحضارى والفنى المعمارى والتقنى نجح المسلمون فى فهم معني عالميه الاسلام واسقاط هذا المعنى على استيعاب شعوب هذه الارض والتعايش معهم واحترام ارثهم وعاداتهم وتقاليدهم (خصوصيتهم) بل وتوظيف ما يتناسب من هذه الموروثات كلبنات فى بناء صرح الحضاره الاسلاميه . هذا الفهم المستنير لرساله الاسلام وتطبيقه بصوره عمليه وواقعيه فى البلاد التى فتحها المسلمون الاوائل فى عهد دوله الخلفاء الراشدين (11-40ه/632-660م) ثم الدوله الامويه (41-132ه/ 661-750م) -وايضا فتوحات العباسيين والسلاجقه والعثمانيين -ساهم بصوره فعاله فى اعتناق كثير من شعوب هذه البلاد الاسلام ومشاركتهم -ومعهم غير المسلمين من اهل هذه البلدان -فى تشكيل وبناء الحضاره الاسلاميه . ومن ثم فان العماره الاسلاميه بصفه عامه وعماره المساجد بصفه خاصه اتسمت بخصائص عامه مشتركه عكست عالميه رساله الاسلام والحضاره الاسلاميه وفى نفس الوقت اتسمت عماره المساجد فى كل قطر او مجموعه من الاقطار المتشابهه فى بيئتها الجغرافيه والمناخيه والمشتركه فى سياقها التاريخي والثقافي بخصائص مميزه لها دون غيرها من المساجد فى الاقطار الاخرى (خصائص محليه )فى فهم فطرى عبقري لكيفيه استيعاب وتطبيق فكره عالميه الاسلام ،والتى لا تعني نسخ نموذج الاسلام فى الجزيره العربيه فى شتى بقاع العالم دون مراعاه خصوصيه كل بقعه وفقا لامكاناتها الطبيعيه والبشريه والسياق التاريخي والحضارى وبالطبع فان هذه المرونه فى التطبيق وذلك الاختلاف الناتج عن تباين البيئه الجغرافيه والمناخيه والسياق التاريخي والثقافى (الموروث المحلى )يراعيا عدم التعارض مع اركان الاسلام وحدوده وقواعده الشرعيه . مفهوم العالميه مرتبط بالمفهوم الحديث العولمه فكلا المصطلحان اشتقا من العالم وتعنى جعل الشئ عالمى الانتشار فى مداه او تطبيقه ويعني ايضا صبغ مناطق مختلفه فى العالم بصبغه واحده مشتركه تتضح فى التشكيل البصرى لها ويمكن ملاحظته بسهوله ويمكن القول بان الثقافه الامريكيه تتسم بالعالميه فى وقتنا الحاضر ويكفى للتدليل على ذلك انتشار الابراج المشيده بالتقنيات الامريكيه من الخرسانه الجاهزه والزجاج فى معظم عواصم العالم وانتشار سلسلات المحلات الامريكيه وايضا الافلام الامريكيه فى جميع بلدان العالم تقريبا. وهذا الامر له دلالته الهامه والخطيره فى ان الفترات التى اكتسبت الحضاره الاسلاميه صفه العالميه وانتشرت اثارها الماديه فوق قارات العالم القديم الثلاث كان ذلك انعكاسا لمدى قوه الحضاره الاسلاميه الاقتصاديه والسياسيه والتى انعكست بصوره مباشره على النواحى المعماريه والثقافيه والفنيه....... وقد اكتسبت مدن العالم الاسلامى هذه الصفات عبر عماره المساجد بالدرجه الاولى والتى يلحظها الرائي بالعين المجرده بواسطه انتشار المساجد ذات التخطيطات المميزه سواء السماوى المكشوف منها او المغطى وعبر انتشار الماذن التى تميز البعد البصري للمدينه الاسلاميه وبانتشار تصبغ المدينه بهذه الصبغه . ودعا وجود المساجد والماذن العثمانيه الطراز فى جزر بحر ايجه جزيره ميتلينى والبحر المتوسط جزيره كريت لظهور مصطلح العثمنه او اي الصبغه او المظهر العثمانى للمدينه او الجزيره .