الخلاصة:
الفن للفن فقط تلك كانت شعارات عصور النهضة الفنية في جميع الدول الأوربية وعليها نشأت كل المدارس الفنية
التي أثارت ثورة ونهضة كبري في تمك العصور، ولكن الفن الإسلامي الذي كان له السبق دائما كان لو شعار أخر وهو
الفن في خدمة الحياة أي أن الفن هو فن تطبيقي يشترك في كل جوانب الحياة فيزين المساجد والمنازل بعمارة إسلامية
رائعة، ويزخرف الأواني والأثاث وكل ما يستخدمه الإنسان في مختمف أوجه الحياة .
وتتميز الفنون الإسلامية بأن هناك وحدة عامة تجمعها بحيث يمكن أن تتميز أي قطعة أنتجت في ظل الحضارة الإسلامية
في أي قطر من أقطار العالم الإسلامى، ولعل هذا السر من أسرار تفوق الحضارة الإسلامية وقدرتها الفائقة على صبغ
المنتجات الفنية في جميع الأقطار بصبغة واحدة، على أن هذه الوحدة لم تمنع من وجود طرز إسلامية تتميز بها الأقطار
الإسلامية المختلفة في عصور تطورها الفنى ، وهذه الطرز الفنية الإسلامية ظهر طابعها في العديد من المنتجات الفنية
مثل منتجات الأخشاب والمعادن والنسيج والخزف والزجاج ، وهذه المنتجات استخدمت للعديد من الأغراض ومن ضمنها
تجميل العمارة الإسلامية وخاصة المساجد لما تضفيه تلك المنتجات من جماليات وقيم روحية تضيف لعمارة المساجد ،
ونظرا لما تحمله خامة الزجاج من جماليات وقيم فنية عالية من حيث الشفافية والنفاذية والإنعاكس للضوء والقوة والمتانة
وجب التركيز عليها في عمليات التجميل المعماري للمساجد المعاصرة ، وبالفعل يظهر فن الزجاج بقوة في تجميل عمارة
المساجد المعاصرة متمثلا في حشوات الزجاج الجصي والقباب الزجاجية من الزجاج المؤلف بالرصاص وكذلك الفسيفساء
الزجاجية التى تتكون عادة بانتظام عدد كبير من القطع الصغيرة الملونة كي تكون بمجملها عمل فني يمثل مناظر طبيعية أو أشكال هندسية أو لوحات بشرية أو حيوانية ، فالفسيفساء فن من فنون العصور الإسلامية المتميزة فقد أبدع فيها
المسلمون وطوروه وتفننوا فيه وصنعوا منو أشكالا رائعة جد اً داخل عمارة المساجد في المآذن والقباب وتكسية الحوائط
والأرضيات ، فهذا الفن اهتم بتفاصيل الأشياء والخوض في تلافيف أعماقيا، نافذ اً من خلال المواد الجامدة إلى معنى
الحياة ، إنه فن التلاحم والتشابك الذي يعبر في دلالاته عن أحوال أمة ذات حضارة قادت العالم إلى آفاق غير مسبوقة
من العلم والمعرفة ، وبالتأمل في تاريخ وتكنولوجيا الفسيفساء الزجاجية القديمة التي ترجع لأواخر القرن الخامس عشر قبل
الميلاد وجد انها كانت تختلف اختلافا كبيرا عما هى عليه الان فقد كانت كل وحده وقطعة منها تمثل قطاع عرضي لعمود
زجاجي يحمل تصميما فنيا جماليا منفردا وكانت تستخدم تلك القطاعات بطريقة فردية او مجتمعة سويا لانتاج الأواني أو
الحلي أو لتطعيم الأثاث مثلا وعرفت بذلك باسم )الميليفيوري أو زجاج الألف زهرة ( ، ومن هنا ظهرت مشكلة البحث فى
كيفية الاستفادة من القيم الفنية والتقنية لتلك الفسيفساء الزجاجية القديمة ذات الوحدات التكرارية الزخرفية وكيفية توظيفيا في
تجميل عمارة المساجد المعاصرة ، فهدف البحث هو إنتاج بلاطات زجاجية زخرفية تكرارية يمكن استخداميا في عمارة
المساجد المعاصرة وتحمل جماليات الفن الإسلامي ، فالبحث يفترض أنه يمكن عمل بلاطات زجاجية بتصميمات إسلامية
01 سم وذلك بدلا من مقاسات وحدات الفسيفساء : وتكنولوجيا مستوحاة من إنتاج الفسيفساء القديمة وبمقاسات تتراوح من 5
القديمة التى كانت تتراوح مقاساتها إلى أقل من 1سم في تجميل عمارة المساجد المعاصرة ، تنبع أهمية هذا البحث ليس
فقط في تطوير تكنولوجيا إنتاج وحدات الفسيفساء الزجاجية الزخرفية التكرارية واستخدامها في عمارة المساجد ولكن أيضاً
في مد عمارة المساجد بتكنولوجيا جديدة في التجميل المعماري مع الحفاظ على التراث الإسلامي الفني الهام.
ولتحقيق هذه القيم التكنولوجية الهامة يجب في البداية التركيز على ما قد تضيفه تلك البلاطات الزجاجية من قيم جمالية
ووظيفية في تجميل عمارة المساجد المعاصرة.