الخلاصة:
إن الفنون الإسلامية مظهر من مظاهر حضارتنا ومرآة صافية تنعكس عليها صور تراثنا وماضينا وحاضرنا.
وتعتبر منظومة الفن الهندسي الإسلامي من الفنون النجمية التي تميزت بمنظومة فريدة بين فنون الحضارات الأخرى .
ومع قمة الابداع الفني والهندسي ، إلا أن الفكر التصميمي وراء تلك الأعمال لم يسجل بأقلام من أبدعوها وبقيت أعمال كل هؤلاء مادة يتناولها الفلاسفة والفنانين والمعماريين بالدراسة والتحليل كل من زاويته المنهجية الخاصة .
وإن نظرة سريعة إلى واقع تلك الدراسات تدلنا على ضخامة الدور الذي لعبه الغرب في تفسير وتحليل تلك النظم ، وإعتبارها من العناصر المقتبسة من الفنون السابقة على الإسلام، كما حاولوا إرجاع التشكيل الإسلامي إلى الفكر البيزنطي الذي له أصول في الفكر الأفلاطولي والفيثاغورثي واعتبروا هذه الفرضية كواحدة من الحقائق العلمية الثابتة بحيث شكلت القاعدة الأساسية في المناهج التحليلية التي اتبعتها تلك الدراسات إنطلاقا من تجريد العرب والمسلمين من أية ظاهرة حضارية وإن كانت في صلب عقيدتهم . والمشكلة بهذه الصورة المركبة وتلك الطبيعة المعقدة تتطلب رد فعل موازي من قبل المفكرين والباحثين المسلمين .
وهو ما تهدف إليه هذه الدراسة وهو الوصول إلى البنية المركزية لوحدة تطور النظم النجمية في الفنون الإسلامية ، انطلاقا من وحدة النظام البنائي للدين الإسلامي كمركز إشعاعي فكري وجه بصيرة الفنان المسلم الإدراك وحدة توافق العلاقة البنائية المتبادلة بين وحدة المنظومة الكونية ومنظومة العقيدة الإسلامية
فالكون كله بنور الله في حالة دوران ( طواف مستمر مسبحة لله عز وجل في نظام هندسي بديع من الذرة وحتى ما فوق المجرة مرورا بمركزية حركة دوران المنظومة الشمسية طبقا لقوانين كونية محكمة يتولد عنها شجرة من الأنظمة التكرارية (الزمنية ) تتوافق هندسيا مع البنية العددية لتسلسل منظومة العقيدة الإسلامية ، انطلاقا من قلب وسط الكرة الأرضية كمركز لوحدة مناسك الحين الإسلامي منذ مولد النبي ا وحتى انتقال النبي للرفيق الأعلى مرورا بالبعثة النبوية وتشريع أركان الإسلام الخمسة في أحضان المعجزات و الفتوحات الإسلامية
وترجع اهمية هذا البحث إلى براءة الفنون الإسلامية مما ينسب إليها من إفتراءات ومواجهة ما تتعرض له من تحديات واسترجاع شخصيتها واسترداد مقوماتها وتأكيد وحداتها .
وكمعيار فكري يساعد الفنان المعاصر على استقراء الماضي بهدف إثراء الحاضر مع الإنطلاق إلى المستقبل .