الخلاصة:
منذ بزوغ فجر العصر الإسلامي، بدأ المسجد يلعب دوره الحيوي والفعال في حياة المسلمين، حيث أصبح يمثل مكان مركزي ومؤثر لجميع المسلمين في حياتهم اليومية فهو يرتبط معهم في حركاتهم وسكناتهم، تقام فيه الصلاة و الحكم في القضايا وتلقي العلم والتكافل والتواصل الاجتماعي وتمكين العلاقات الأخوية وإعلان النكاح و غیره. في الحديث الشريف "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، قال: ورجل قلبه معلق بالمساجد" (رواه البخاري،
2/119). هي بيوت الله التي أذن فيها أن ترفع ويذكر فيها اسمه ونتيجة لذلك يقتضي أن يتميز عن بقية البقاع، فعن أبي هريرة أن رسول الله قال: "أحب البلاد إلى الله مساجدها " (رواه مسلم، 671). كما حظي المسجد باهتمام كبير من حيث التشييد والبناء بدءا من النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعه من حكام المسلمين حتى يومنا هذا الجانب الروحي والحسي للدين الإسلامي قد أثر في عمارة المساجد بتكوينه البسيط وتكامل فراغاته وقوة ارتباط أفراد المجتمع به .فقد أصبح الشاهد الأمثل للحضارة المعمارية للمكان والزمان الذي تم الإنشاء فيه، كما يعكس المستوى الاجتماعي والثقافي والاقتصادي لتلك الفترة الزمنية ، حيث كان الهدف من بنائه قوة تأثيره في نفوس المسلمين بالإيمان، وتهيئة الجو الروحي الملائم لأداء الفروض و الأعمال الصالحة.
مع مرور الزمن وفي وقتنا الحاضر تراجع هذا الدور تدريجيا، وقل عدد المصلين، وظهرت بعض المشكلات التي ساهمت في تراجع دور المسجد، كل ذلك كان لأسباب مختلفة من ضمنها ضعف دوره في التخطيط الحضري للتجمعات العمرانية، وسوء التصميم الذي لا يراعي المتطلبات الوظيفية المتعلقة برسالة المسجد بالإضافة إلى عدم المحافظة على توزيع مواقع المساجد ضمن النسيج العام للمدينة والمجاورة السكنية و تصمیم مساجد عشوائية على قطع أراضي ليست مخصصة لذلك الاستخدام مما أدى إلى ضيق المساحة وتنوع في الإضاءة والتهوية والخدمات العامة . كما أدي تأثر جزء من تخطيط وتصميم المساجد بالثقافة الغربية والتي لا تراعي عنصر المسجد كمكان مركزي ينبغي الاهتمام به، مما جعل بعض المساجد تظهر بتصميمها متأثرة بأشكال غريبة مستوحاة من ثقافات طارئة وغريبة على بلادنا .كل هذه الأسباب أثرت بشكل سلبي على إيصال رسالة الإسلام إلى المجتمع وتأثيره فيهم