الخلاصة:
يُعدّ موضوع التراث من الموضوعات المخضرمة التي لا يتوانى تخصص عن الحديث عنها نظرا لارتباطه بماضي ومستقبل الشعوب على حد سواء، خاصة ابان القرن الحالي الذي صارت فيه حدود الهوية تهتز أركانها بفعل الوافد الطامس ومجالات التراث عديدة ومتنوعة تشمل ما هو مادي وغير مادي.
والتي تعد العمارة بملموسيتها أحد أهم هاته الأخيرة، مع العلم أننا هنا سنسلط الضوء حصرا على عمارة المنزل التقليدي الأدراري؛ هاته المدينة الصحراوية الجنوبية المتميزة في تاريخها و جغرافيتها تميزا يخلع خصوصيته على هذا المعمار المحلي، حيث أن لكل ركن فيه مسماه المحلي العربي حيناً، والأمازيغي حيناً آخر؛ بدءا من عتبة الدار الى آخر ركن في السطح، وكذا لكل وظيفته الاجتماعية و الاقتصادية و الثقافية...التي تكرس ذاكرة متأصلة للمجتمع المنتج لها فهي تراث قار هادف المرامي والجذور .
يهدف هذا البحث الى دراسة المنزل التقليدي بطابع سوسيولوجي و أنثروبولوجي كمُتمّم للدراسات الهندسية المتعلقة
با لمسكن كون العمارة ماهي إلا نتاج لتراكم انساني و حضاري ،كما و قد تطرقنا الى الأبعاد الاجتماعية و الثقافية و الاقتصادية الموجودة في التصميم الخارجي و الداخلي للمسكن التقليدي و درسنا تقريباً جميع الوحدات المعمارية الموجودة فيه، التي كان لكل واحدة منها وظيفة ، بيئية كانت أو اجتماعية مرتبطة بالعادات و التقاليد و الدين و كذا الطقوس الاجتماعية أو اقتصادية كون المسكن التقليدي كان يحقق الاكتفاء الذاتي لساكنيه، و تناولنا في هذه الدراسة استعراض لمختلف مقتنيات المنزل التقليدي التي كانت تعدّ مكملاً للتّصميم الداخلي للمنزل سواءاَ من الناحية الوظيفية أم من الناحية الجمالية ، بدليل أننا تناولناها مع دراسة الوحدات المعمارية للمنزل و قد اعتمدنا على ذكر الاسم المحلي لكل ما يتعلق بالمسكن القديم،و لهذا اعتمدنا على وضع المعجم المحلي الذي يشرح أهم المصطلحات المعمارية و أدوات المسكن القديم في ولاية أدرار ،مما نستنج أن المسكن التقليدي قد حافظ على العادات و التقاليد من خلال تصميمه الداخلي و أستطاع التكيف مع البيئة الصحراوية من خلال تصميمه الخارجي ،على خلاف المساكن الحديثة الآن التي في معظمها لا تُشيد على أساس فكرة أو مبدأ بل أضحى تأثير العولمة بارزاً في هندستها التي لا تعبر عن هوية ساكنيها.