الخلاصة:
لقيت الآثار النبوية قدرا كبيرا من الإجلال والتعظيم فى نفوس المسلمين منذ عصر النبوة وحتى يومنا هذا، ومن بين الآثار النبوية التى حظيت بتلك المكانة النعال النبوية الشريفة المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم .
وتشير الدراسات المتخصصة فى الآثار النبوية إلى أن هناك عدة نعال بقيت محفوظة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من مظاهر اهتمام المسلمين بهذه النعال أن كتبوا عنها مؤلفات مستقلة، تتضمن ما ورد عنها من أخبار فى كتب السيرة، وأشكال هذه النعال، والنماذج المحفوظة منها، كما اهتمت بعض هذه المؤلفات بجمع القصائد التى قيلت فى مدح هذه النعال، ومن أشهر الكتب التى تناولت هذا الموضوع كتاب "فتح المتعال فى مدح النعال" للمؤرخ المغربي أحمد بن محمد المقرى.
وقد أمدتنا كتب السيرة والشمائل بمعلومات مفصلة عن النعال النبوية وأوصافها، كما ارتبطت هذه النعال بعدد من الحوادث التاريخية، وكانت مجالا للتنافس بين الدول الحاكمة فى العالم الإسلامي مثل الدولة العثمانية ودولة السعديين فى المغرب، كما كانت تستخدم للاستغاثة من هول الفتن كما حدث بفاس حين وضع أهلها أمثلة النعال النبوية على رؤسهم أثناء الفتنة التى اندلعت فى عهد السلطان أبى المعالى زيدان السعدي سنة 1020هـ/1611م.
انعكس تقديس المسلمين للنعال النبوية على العادات والتقاليد الاجتماعية، فاتخذوا تمائم وتعاويذ على صورتها، ووضعوا صورتها فى منازلهم ، كما قصدت الأماكن المحفوظة بها بالزيارة، مثل المدرسة الأشرفية فى دمشق، ودار الشرفاء الطاهريين فى فاس.
ارتبطت النعال النبوية بالفنون الإسلامية، حيث استلهم الفنان المسلم شكل النعال النبوية كعنصر زخرفي على المحاريب الخزفية وعلى السجاد والمنسوجات ، وعلى تراكيب القبور وعلى الساعات الشمسية، كما صنعت حلى النساء على شكل هذه النعال من باب التبرك، واشتملت مخطوطات السيرة والشمائل التى تعنى بأوصاف النبي صلى الله عليه وسلم على رسوم لهذه النعال، وكذلك كتب الأوراد والأذكار.
وسوف نقوم فى هذا البحث بتتبع النصوص التى وردت فى كتب السيرة والتاريخ الإسلامي التى تتعلق بالنعال النبوية، ولن نقف طويلا عند رسوم النعال النبوية فى المخطوطات نظرا لتناولها فى دراسة سابقة، وسيكون البحث منصبا على دراسة رسوم النعال على العمائر وعلى الفنون التطبيقية من خلال نماذج جديدة لم تتم دراستها من قبل.