الخلاصة:
قام صلاح الدین بوضع سیاسة إنشائیة إصلاحیة خاصة بالقاهرة ومصر، لیتقرب من أهلها، وتعتبر الخانقاة الصلاحیة (دار سعید السعداء) أول خانقاه للصوفیة فی مصر استحدثها صلاح الدین الأیوبی وجعلها دارًا للصوفیة، وقد بناها بسبب رغبته الملحة فی القضاء على الفاطمیین ومذهبهم الشیعی، لذا عمد إلى استقدام ثلاثمائة من أکابر الصوفیة المعتدلین من بلاد الشام من أهل الورع والدین وأنزلهم فی دار سعید السعداء عام 569هـ/ 1174م بعد أن حولها إلى خانقاة، وأوقف علیها عدید من الأوقاف.
ومن الطبیعی أن یکون للأوقاف آثار بعیدة المدى فی انتشار التصوف، فمن ریعها کان یصرف على الصوفیة المنقطعین للعبادة، أو طلبة العلم، طبقًا لشرط الواقف، ومع کثرة انتشار بیوت الصوفیة ازداد تیار التصوف، لذلک حرصت معظم الوقفیات والحجج على وضع الشروط الکفیلة بانقطاع الصوفیة للعبادة، وفصلت ذلک فی کتاب الوقف الخاص بکل مؤسسة، وبینت مهام کل موظف ومنتمی لهذه المؤسسات.
وتقع خانقاة سعید السعداء بخط رحبة باب العید من القاهرة، وکانت دارًا تعرف فی الدولة الفاطمیة بدار سعید السعداء _وهو الأستاذ قنبر أو عنبر أو بیان_أحد الأستاذین المحنکین خدام القصر الفاطمی عتیق الخلیفة المستنصر بالله، وکانت هذه الدار مقابل دار الوزارة.
وتقوم الدراسة بعرض لأضواء جدیدة من حیث الشکل والمضمون على نقش إنشاء وتجدید قیساریة بمدینة دسوق موقوفة على دار سعید السعداء من عهد العزیز عثمان بن أیوب مؤرخ عام 594هـ/ 1198م حیث یوجد على عتب باب من الخشب أصله من قیساریة کانت فی دسوق بمصر السفلى أوقفها الملک الناصر صلاح الدین الأیوبی على دار سعید السعداء بالقاهرة وجددها العزیز عثمان، وعمل بها هذا الباب الجدید، وأبعاد العتب 2.12م×0.32م، وهو محفوظ بمتحف الفن الإسلامی بالقاهرة برقم سجل 484، ومکتوب علیه بخط الثلث، والنقوش منفذة بالحفر الغائر.