الخلاصة:
يمثل التصوف جانبا واسعا من التراث الاسلامى باختلاف الأزمنة والامكنة ، فهو يبحث عن الجوهر الكامن وراء الأشياء والطبيعة والكون ليصل من خلاله إلى الحق المطلق ، لذا فقد كان التصوف وما زال منهجا يتبعه العديد من المسلمين سواء على مستوى الأفراد أو الجماعات متمثله في الطرق الصوفية ، وبالرغم أن التصوف يتسم بالنزعة الدينية إلا أن ظهوره في البداية في المجتمعات الاسلامية جاء نتيجة معطيات تاريخية حيث ظهر کرد فعل لحياة الترف والبذخ التي سادت المجتمعات الاسلامية بعد الفتوحات الاسلامية ، وفيه سعى المسلمون للتخلص من الغرور والإعجاب بالنفس والخروج من هذا العالم المتغير المحدود بالزمان والمكان الى المطلق والسعادة المطلقة حين يخرج من قصور ذاته وعالمه المحدود الى ذلك المطلق اللامحدود وحينها تتحد روحه بالله ليجد السعادة الحقيقية أو يصبح الانسان الكامل .
وفي بدايات الحضارة الاسلامية وتكونها غلب الدين على نمط الحياة في المجتمعات الاسلامية ، ثم نشأ التصوف وازدهر ليسود ثقافة تلك المجتمعات منذ القرن الخامس الهجري ، وقد تأثر الفن بالدين والتصوف على وجه خاص فكما أن التصوف يسعى لتحقيق الشكل الجوهري والوصول للكمال الإنساني من خلال تجربته الذاتية الخاصة ، يسعى الفن الاسلامي ايضا للوصول إلى الجوهر الخالد الذي يمثل المضمون والحقيقة المطلقة من خلال تجربته الفنية الذاتية ، لذا فالفن والتصوف كلاهما من مفردات عالم الوجدان بشكل أساسي ، وكلاهما تجربة شخصية ذاتية ، ويمكن رصد العلاقة بين التصوف والفنون الإسلامية في العديد من مجالات الفن کالعمارة والاداب والموسيقى والفنون التشكيلية وهو ما يسعى هذا البحث لرصده ودراسته خاصة في مجالي العمارة والفنون الزخرفية .