الخلاصة:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الهدى ومن اقتفى أثره من بعد واهتدى بهديه، وبعد :
لقد كان التقدم الحضاري على مر العصور رهين التقدم في ممارسة الإنسان لحقوقه، والارتقاء بهذه الحقوق، فالإنسان هو الذي يبني الحضارات، وهو الذي يصنع التقدم والتطوير. ومن هنا لابد من التأسيس لتلك الحقوق، وتأصيلها، للمساعدة في النهوض بعجلة تنمية وتطوير المجتمعات، فهذه الحقوق مطلب إنساني عالمي، وغيابها يؤثر على استقرار ونهضة المجتمعات نظرا لما تثيره من انتهاكات وحروب بين أعضاء المجتمع الإنساني. إن حقوق الإنسان من الأشياء المتأصلة في كل فرد منا، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو العنصر أو اللون، فالجميع متساوون في الحقوق والواجبات والكرامة الإنسانية، قال تعالى: ( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا )(الإسراء: 70)، فحقوق الإنسان أقرتها الشرائع السماوية قبل القوانين الإنسانية، بل هي منحة ربانية، ليس من حق أحد مهما كان أن ينتزعها من الأخرين، فهي ثابتة كي يعيش الإنسان بكرامة، ويتمتع بالأمن والأمان، والسلام، والاستقرار، مما ينعكس على مجتمعه الذي يعيش فيه تقدما وازدهارا. وتواجه حقوق الإنسان في عصرنا الحالي العديد من التحديات التي تنعكس على ممارسة الأفراد لتلك الحقوق، حتى وصل الأمر أحيانا إلى حد سلبهم تلك الحقوق بنصوص القانون، بل وتشريع القوانين التي تساعد على ذلك، وهو ما انعكس سلبا على المجتمعات التي يعيش فيها هؤلاء الأشخاص، حيث أثر التراجع في ممارسة الأفراد لحقوقهم على مسيرة النهوض بمجتمعاتهم، وتفاقم المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.. ولكي تتضح العلاقة بين الحضارة، ومدى ممارسة الإنسان لحقوقه، سوف نقوم من خلال هذا البحث ببيان مفهوم الحق وتسمياته وخصائصه وتصنيفاته ومصادره، والعلاقة بين الحضارة وحقوق الإنسان، ثم حقوق الإنسان في الحضارات القديمة، ثم في الإسلام وما تميز به في هذا المجال، ونختتم ببيان الانتهاكات في مجال حقوق الإنسان, والتوصيات للحد من تلك الانتهاكات.