الخلاصة:
تنشأ كل حضارة في البداية ولها طابعها المميز وتنمو وتتبلور وتظهر شخصيتها وتترك طابعا مميزا لها ، وقد آثرت العقيدة الإعلامية التي قامت على فلسفة وتصوف وعلم في الفن ، وحثت العقيدة الإسلامية على مخالفة الطبيعة مما جعل الفنان المسلم يتجه إلى تجريد كل ما حوله وتفكيك الطبيعة إلى عناصر أولية ، ثم يعيد صياغتها بصورة إيقاعية جديدة بعد تحليلها إلى خطوط وعلاقات هندسية ، واهتم الدين بالزينة والجمال مما جعل الفنان المسلم يزين العمائر الدينية والسكنية والعامة .
وبعد القرن الثامن الهجري في عصر الدولة المملوكي عصرا للنهضة الفنية حيث ظهرت في هذا العصر أساليب فنية جديدة وطرق زخرفية مبتكرة لعل أبرزها هو استخدام البلاطات الخزفية كأسلوب فني وعنصر زخرفي جديد في مصر وبلاد الشام ولعل السبب في ذلك هو الغزو المغولي لإيران عام 705هـ ، وهو ما أدى إلى هجرة الصناع والخزافين الإيرانيين إلى مصر وبلاد الشام
تعد البلاطات الخزفية التي عثر عليها في حفائر سامراء (2276221 ) أقدم البلاطات الخزفية الاسلامية المعروفة لدينا حتى الآن ، وقد زخرف تلك البلاطات بالبريق المعدني، أما في مصر فقد استخدمت مصر الفرعونية ما يشبه التربيعات الخزفية في زخرفة جدران بعض المعابد والأهرامات مثل هرم سقاره المدرج ، إلا أن الطريقة الشائعة في زخرفة الجدران في مصر القديمة كانت باستعمال الحجر والرخام لتوافرهما في البلاد أما البلاطات الخزفية في شكلها المعروف فلم تعرفها إلا في العصر المملوكي وكان استعمالها محدوداً للغاية
إن إنتاج الفنان المملوك يعد العصر الذهبي للعمارة والفنون الإسلامية في مصر، وقد تتنوع خلاله استخدام البلاطات الخزفية الذي لم يكن مجرد تقليد لفكرة سابقة ، وإنما هو تجديد وابتكار لأفكار وعناصر وأشكال فنية جديدة ظهرت في عصرهم ، فعملوا على إنتاجها وتطوير استخدامها بما يتناسب مع متطلبات العمارة والتصميم للمنشأت وتجديدها من حيث الشكل والزخرفة والاستخدام والخامة وإنتاجها باشكال وعناصر تتوافق وتتماشى مع روح عصرهم .
وقد استلهم المصمم الداخلي في العصر الحديث فكرة البلاطات الخزفية الإسلامية لإحياء التراث الإسلامي من خلال تصميمات معاصرة ، وأبدع في استخدام البلاطات الخزفية المستوحاة من التراث الإسلامي ونوع في شكلها وزخارفها ووظف استخدامها في العديد من التصميمات الداخلية للعمارة بتشكيلات مبدعة أضفت روح التراث الإسلامي الرائع الذي نفتقده في التصميمات الحديثة المتأثرة بالغرب في الفكر والخامة والاستخدام بما يتناسب مع بيئتنا وأسلوب معيشتنا وفقدنا هويتنا العربية الإسلامية.