الخلاصة:
بعد أن نفذت مؤلفاتي السابقة في مجال الفنون الإسلامية وخاصة كتاب "الأزهر متحف الفنون الإسلامية" والذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب وكذلك "التواصل الحضاري الفن الإسلامي وتأثيره على الفنانين العالم" والذي صدر عن العلاقات الثقافية الخارجية بعدة لغات وفي ظل العولمة والسماوات المفتوحة والهجمة الشرسة ضد الفكر الإسلامي وجدت أنني يجب أن أركز بالتحليل الفني والتأكيد على عظمة الفنون الإسلامية وعالميتها وتوضيح فلسفتها وهويتها وملامحها العامة التي تميزها عن الفنون المعمارية الأخرى. عسى أن يصل هذا التحليل إلى المتعصبين من النقاد والفلاسفة ويتعلموا من فنون العمارة الإسلامية وخواصها وجمالها ما يجعلهم يرجعون عن تعصبهم الأعمى ضد هذا الدين العظيم وحضارته وفنونه فقد حاولت التأكيد على هوية فن عمارة المساجد من خلال التشريح الكلي للأجزاء التي تميزها في العمق والأسلوب وكذلك قدرتها على إحداث التناغم الحميم الذي يعطي لها حيوية وفكرا محملا بثقافة وفلسفة عقلانية أساسها الدين والدنيا. وقد وجهت العقيدة الإسلامية نظر الإنسان إلى ناحيتي الجمال والزينة في المخلوقات وعرفته أن معظم ما يحيط به في هذا الكون إنما ينطوي على جانبين جانب المنفعة وجانب الزينة". وهذا ما يجعلني أيضا أؤكد على هذه الصفات من حيث الهيئة العامة للمسجد وعمارته الجمالية والثوابت والمتغيرات في مضمون عمارة المساجد. وتميزها بالانتشار في كل مكان وعدم ارتباطها بقطاع جغرافي محدد بل هي عمارة مرتبطة بفكر عقائدي ورؤية جمالية خاصة تخرج من إطار ما هو محدود ومكاني إلى ما هو مجرد وإنساني في آن واحد.ومن أجل هذا الهدف وتأكيده ومحاولة الكشف عن ثوابت عمارة المساجد والمتغيرات المستحدثة في التطوير والترميم وجدت نفسي أبحث عن ما هو المسجد؟ نشأته، تطوره، أهم مكوناته المعمارية والفنية، الهيئة الداخلية والخارجية للمسجد، المعايير التصميمية والعناصر المعمارية الأساسية النفعية والجمالية ثم المعايير التخطيطية لبناء المساجد وأنواعها والبيئة المحيطة بها. ثم الأساليب المتبعة في صيانة وترميم وتوسعة المساجد الأثرية - كذلك الاعتبارات التنفيذية الواجب مراعاتها في هذه العمليات (علمية، فنية، تاريخية، هندسية منذ بداية نشأة هذا المسجد والتوثيق الأثري من حيث التصوير العيني الفوتوغرافي والفيديو مرورا بالتحاليل العلمية والطبيعية والأثرية والتوثيق الزخرفي الفني ثم الفكر المعماري وما يناسب التوسعات المقترحة ثم مشاكل خطوات التنفيذ وذلك من خلال التجربة الذاتية في عمليات الترميم والتطوير التي شاركت فيها وكذلك من خلال المؤتمرات العالمية التي خصصت لهذا المجال حريصا على تحقيق هدف غال علينا من حيث السرد والتوثيق والتعريف ببعض عناصر عمارة المساجد لكي نلغي فكرة أن الفن الإسلامي فن بدائي نفعي فقط ليس له عمق وفكر الفن الحديث وأؤكد على أنه فن محمل بفلسفة وفكر قد استفاد منهما أعظم الفنانين والمعماريين المعاصرين.